الملف نت -عبد الكريم عبد الله: ورد في تقرير بثته وكالة CNNالاخبارية ما نصه : ان البرنامج النووي الايراني ما زال يثير جدلا حادا حول طبيعة الدوافع التي تحركه على كثرة الدلائل التي تثير الشك على ان ايران ترمي من وراء برنامجها اكثر من مجرد انتاج الطاقة النووية للاستخدامات الصناعية والتنموية ، واذا كان يصعب القطع بالاهداف العسكرية التي يخفيها البرنامج النووي الايراني فمن المرجح غالبا ان النظام الايراني يريد من برنامجه ما هو اكثر من الطاقة الكهربائية .
الامرالذي ابقى البرنامج النووي الإيراني تحت مراقبة عادية، حتى كشف معارض إيراني بارز في 14 أغسطس/ آب 2002 ، عن وجود موقعين نووين إيرانيين
لا تعرف الوكالة الدولية للطاقة الذرية عنهما شيئاً، وهما منشأة لتخصيب اليورانيوم في نتانز ومنشأة للماء الثقيل في أراك. ويوجد موقع نتانز على مسافة 100 ميل شمال أصفهان، أما أراك فيقع على مسافة 150 ميلاً جنوب العاصمة طهران.
ومنذ ذلك الوقت دخل البرنامج النووي منعطفاً جديداً باتت معه الدول الكبرى تنظر بعين الريبة والشك إلى الأنشطة النووية الإيرانية، وقد ساهمت الأحداث اللاحقة في تعميق شكوك الدول الغربية، وقد توجه مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى موقع نتانز في 21 فبراير/ شباط عام 2003 ليجدوا عدة منشآت من بينها مصنع لتخصيب اليورانيوم مصمم ليحوي آلاف أجهزة الطرد المركزي.كما وجدوا آثارا ليورانيوم مخصب لدرجة 36 في المئة، لكن قيل فيما بعد أنها ناتجة عن أجهزة ملوثة استقدمت من باكستان ( ويرى البعض انها حيلة لجأت اليها ايران وخدعت بها مفتشي الوكالة انذاك ) وعليه خلصت الوكالة في تقريرها في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2003 إلى أنه " لا يوجد دليل، حتى الآن، على أن المواد النووية غير المعلنة (في نتانز) والأنشطة المتعلقة بها مرتبطة ببرنامج أسلحة نووية."(ولكن نتانز كان مكانا سريا مخفيا !!؟؟)
غير أن شهادة البراءة هذه لم تدم طويلا، إذ عادت الوكالة في تقريرها المقدم إلى مجلس الأمن في 28 أبريل/نيسان لتقول إنها "ليست قادرة على التقدم بجهودها فيما يتعلق بتقديم ضمانات بشأن غياب أية مواد أو أنشطة نووية غير مصرح بها في إيران، بسبب بعض الثغرات في معرفة( معلومات ) الوكالة، من ضمنها تعذر معرفة دور الجيش الإيراني في البرنامج."
وذكر التقرير أيضاً وجود " ثغرات في معلومات الوكالة تتعلق بالمدى الذي وصل إليه برنامج أجهزة الطرد المركزي الايرانية ومحتواه."
إضافة إلى ما أشار إليه التقرير من وجود "أسئلة مازالت معلقة بشأن بعض أجزاء البرنامج النووي الإيراني، وأن طهران لم تقدم وثيقة طلبها المفتشون تتعلق بأجزاء يمكن أن تشملها عملية تصنيع قنبلة."
ولم تكترث إيران بتقرير الوكالة، وقال المندوب الإيراني لدى الأمم المتحدة جواد ظريف، (إن إيران سوف لن تستجيب لضغوط المجتمع الدولي(. وبخلاف المآخذ التي أوردها تقرير الوكالة الدولية، والذي يثير شكوكاً قوية في نوايا إيران من وراء برنامجها النووي، تردد الولايات المتحدة أن إيران لا تحتاج إلى الطاقة النووية لأنها تمتلك احتياطات ضخمة من النفط والغاز، مشيرة إلى ان الطاقة المتولدة عن النفط ارخص من نظيرتها النووية.
وتمضي CNNفي ختام تقريرها الى القول:وكما يشدد الإيرانيون على حتمية الاستمرار في برنامجهم النووي وحتمية تخصيب اليورانيوم،- فإن السنوات المقبلة ستنجلي عن حتمية صدام بين إيران وبين من يحرصون على الا تمتلك ايران سلاحا نوويا هذا الصدام المؤجل الذي نواجهه يوميا ونخشى انطلاق شرارته لاننا نعرف عواقبه جيدا ونعرف ان حكام طهران لايعرفون معنى المسؤولية وهم يمضون في عنادهم اللامنطقي في مشروعهم التدميري .
اما التقرير المخابراتي الاميركي الذي صدر عن وكالة المخابرات الاميركية ،والذي ينص جوهريا على ان ايران اوقفت منذ عام 2003 نشاطها باتجاه الحصول على الاسلحة النووية و( ان من غير المرجح تماما ) ان تجد ايران ما يكفي من اليورانيوم العالي التخصيب لصنع قنبلة نووية بحلول عام 2009 ،( وماذا بعد هذا التاريخ ؟؟) لكنه اشار الى انه ليس ثمة ما يدل على ان ايران مستعدة للتخلي عن طموحاتها العسكرية ( ولا ادري لماذا يغفل البعض هذه العبارة في التقرير حين يعلنون تقييماتهم له ومواقفهم على ضوئه) ، فان هناك الكثير من الاميركان ممن لايوافقون هذا الرأي ويعدونه وضع لاسباب سياسية فهو اما ان يكون قد اعد لابعاد شبح ضربة او حرب مع ايران باهضة الكلفة لا تحتمل اميركا نتائجها بعد حربي افغانستان والعراق ، او انه محاولة من المخابرات الاميركية لتبرئة ذمتها فيما اذا قرر بوش ضرب ايران وثبت فيما بعد ان ايران لم تكن تسعى الى امتلاك السلاح النووي كما حصل في حرب العراق بعد ان القيت على عاتق المخابرات الاميركية تهمة التقصير او التضليل في ميدان اسلحة الدمار الشامل العراقية التي لم يتمكن احد من اثبات امتلاكها من قبل العراق بعد ان اناخت اميركا على صدره وبثمن باهض ما زالت تدفع تكاليفه ماديا ومعنويا وعلى اصعدة اخرى لسنا بصددها ، وايا كان سبب اصدار هذا التقرير وتوقيته فهو ليس بمعزل عن الحملات الانتخابية وصراعاتها بين الجمهوريين والديمقراطيين وبقية ( الديوك ) المرشحة ، مع ان ثمة رأيا عاما اميركيا يقول – ان حكام ايران لايمكن الاطمئنان الى نواياهم .اما الديمقراطيون فقد دعوا الرئيس الاميركي الى اتباع سياسة جديدة ويقظة دبلوماسية حيال ايران ، وقال زعيم مالاغلبية الديمقراطية في الكونغرس الاميركي هاري ريد – امل ان تقرأ الادارة الاميركية هذا التقرير بعناية وتعدل خطابها وسياستها حيال ايران – وهذا الموقف كما يرى البعض لا يخلو من شد في اللعبة الانتخابية ولا يعبر عن الموقف الحقيقي للديمقراطيين تجاه ايران .
بينما دعا البيت الابيض في اول رد فعل له على التقرير – القوى العظمى – الى زيادة الضغوط على ايران برغم اقرارها ان استراتيجية – عزل طهران – على الساحة الدبلوماسية العالمية التي نتبناها مع مواصلة ( المفاوضات ) تسير على الطريق الصحيح .
اما الصين وروسيا المتعاطفين مع النظام الايراني فقد كانا اول من رحب بهذا التقرير وطالبا بعدم تصعيد الامور مع النظام الايراني عالميا وانه لم يعد هناك مبرر لاميركا او لغيرها للمطالبة بتشديد العقوبات على النظام الايراني، وروسيا والصين لهما اجندتهما المالية وال( مقاولاتية ) والتجارية والنفطية والغازية مع ايران والسياسية المتعلقة بدول اسيا الصغرى ودول كومنولث الاتحاد السوفيتي السابق والمنطقة العربية واقليم الشرق الاوسط وحساباته التي لسنا بصددها ، لكنها في رأ ينا هي المحرك الاساس للمواقف الصينية الروسية ، وبخاصة بعد تصاعد التوتر بين موسكو وواشنطن اثر قضيتي كوسوفو والدرع الصاروخي الاوربي وعودة الحرب الباردة بينهما ، هذا فيما يخص روسيا اما فيما يخص الصين فاضافة الى شعورها بانها تطارد تجاريا كما يحصل في افرقيا من قبل اوربا واميركا وفي مناطق اخرى لوقف مد نموها الاقتصادي الذي تجاوز ال9% سنويا وهو رقم هائل قياسا الى عدد نفوسها ما يرعب اميركا والغرب من التنين الاقتصادي الصيني ، فثمة قضايا سياسية اخرى تتعلق بموقف الغرب واميركا من التبت و( الديليلاما ) واستقباله في البيت الابيض واكثر من عاصمة اوربية وموقف واشنطن من تايوان التي تطالب الصين باعادتها الى السيادة الصينية بينما تعقد واشنطن معها الاتفاقيات العسكرية ، وهناك قضية الدين الاميركي للصين الذي يبلغ 400 ترليون دلار ومماحكات اميركا بشأنه وقضايا الشركات الاوربية والاميركية التي تتهم المؤسسات الصناعية الصينية بانتهاك حقوقها التجارية المثبتة عالميا من خلال السماح لهذه المؤسسات بارتكاب جرائم تزوير وتقليد الماركات العالمية الشهيرة لهذه الشركات ما يكبدها خسائر فادحة ومن المنافسة على النفط الى المنافسة على السوق الى المنافسة على النفوذ ، ومواضيع اخرى عديدة من هذا القبيل تلقي بظلالها على الموقف الصيني من الملف النووي الايراني ، مع ان الصين وروسيا تعلنان انهما ضد امتلاك ايران للسلاح النووي ، ويبدو في المحصلة النهائية ان البلدين لا يمكن اقناعهما بان ايران تسعى فعلا لامتلاك ايران السلاح النووي لانهما لايريدان الاقتناع حتى لو اعترفت ايران بذلك علنا ، اذ سيجدان تبريرا لهذا الاعتراف ، وهمااصلا غير مباليين بحصول ايران على السلاح النووي لا بل ربما ساهما بطريقة مباشرة او غير مباشرة في تشغيل وتعجيل مفاصل المشروع النووي الايراني كما هو الحال مع المشروع النووي الكوري الشمالي.
اما اوربا ، فقد وجدت في التقرير ذريعة للتملص من التزامات اكبر كانت تطالبها بها اميركا او ادراة بوش في مواجهة المشروع الايراني النووي ،ومع ذلك فهي ما زالت عند خط الشكوك غير المكتمل اليقين بنوايا ايران ومع زيادة وتشديد العقوبات عليها لفرض الية ايقاف تخصيب اليورانيوم ووضع بديل سلمي تشرف عليه الامم المتحدة للبرنامج النووي الايراني بمساعدة اوربا واميركا كحافز يدفع النظام الايراني للكف عن تعنته بهذا الشأن واستثارة شكوك العالم التي قد تدفع باتجاهات سلبية يكرهها الجميع ، وهذا هو الموقف الالماني – مع ان المانيا اعلنت تضامنها مع الموقف الفرنسي تجاه ايران – اما موقف بريطانيا وفرنسا فهويتلخص بعبارات مركزة تؤشر ضرورة الاستمرار في الضغط على ايران للاقرار بارادة المجتمع الدولي بضرورة الاستجابة لدواعي طمأنة العالم بشأن مشروعها النووي عبر ايقاف عمليات تخصيب ايورانيوم التي تصر على استمرارها بعناد، واعتبرت بريطانيا أن ممارسة ضغوط متزايدة على إيران ما زالت إستراتيجية صالحة بعد صدور ذلك التقرير.
وقالت متحدثة باسم وزارة الخارجية البريطانية في تصريح صحفي إن "نتائج التقرير تبرر العمل الجاري من قبل الأسرة الدولية لفهم البرنامج النووي الإيراني وزيادة الضغط لوقف نشاطات التخصيب وإعادة المعالجة".
اما ألمانيا فرأت أن التقرير يؤكد صحة إستراتيجية التفاوض والضغط التي تتبعها الأسرة الدولية مع إيران.
وقال وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير في بيان له إن "المقاربة المزدوجة التي اختارتها الأسرة الدولية التي تقضي في الوقت نفسه بتقديم تشجيع واتخاذ إجراءات في مجلس الأمن الدولي، جيدة".
اما بالنسبة لاسرائيل فقد" ذكر مراسل الجارديان في القدس روري مكارثي، أن عددا من كبار المسؤوليين الإسرائيليين ذكََروا بأنهم ما زالوا يبحثون إمكانية توجيه ضربة عسكرية بإيران على الرغم من تقرير الاستخبارات الأمريكية الذي أكد أن السلطات الإيرانية علقت برنامجها للتسلح النووي.
وتذكر الصحيفة أن نائب وزير الدفاع الإسرائيلي، ماتان فيلناي صرح لإذاعة الجيش قائلا: "كل الخيارات تبقى مطروحة".
وتنقل الجارديان عن أفجدور ليبرمان نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي تصريحات أدلى بها لصحيفة الجيروزلم بوست قال فيها: "إذا لم يفرضوا عقوبات على إيران، فسنجتمع لنقرر ما سنقوم به."
وعندما سألت صحيفة ها آريتز، رئيس الوزراء السابق وزعيم المعارضة الإسرائيلية بنيامين نيتانياهو عما إذا كان ينبغي على إسرائيل شن ضربة عسكرية ضد إيران، رد قائلا: "نحن نفضل دائما بادرة دولية بقيادة الولايات المتحدة، ولكن ينبغي علينا السهر على أمن بلادنا بكل الوسائل الممكنة.
وتقول الصحيفة إن العديد من خبراء الشأن الإيراني في إسرائيل يرون أن التقرير الأمريكي قد أبعد شبح ضربة عسكرية أمريكية أو إسرائيلية في الوقت الراهن، لكن صقور السياسة الإسرائيلية لا ينفكون يؤججون المخاوف.
ويدعو نيال فريغوسن في صفحة الرأي بالفاينانشل تايمز الإدارة الأمريكية، القادمة إلى نهج سبيل ديبلوماسي آخر في العلاقات مع إيران.
وبعد الإشارة إلى أن تقرير الاستخبارات الأمريكية عن الملف النووي الإيراني، لا يبعد تماما شبح حرب أخرى عن المنطقة.
اما دول الخليج العربي فقد اعرب عدد منها على هامش مؤتمر اقليمي حول الامن في الخليج عن رغبتهم في التوصل الى حل سلمي لمسألة الملف النووي الايراني، معربين عن خشيتهم من اختبار القوة القائم حاليا بين واشنطن وطهران.
وعلى الرغم صدور تقرير عن الاستخبارات الاميركية يفيد بان ايران اوقفت العمل عام 2003 ببرنامج سري لصنع سلاح نووي، فان الادارة الاميركية اصرت على التأكيد بانها لا تزال متمسكة بالخيار العسكري لاجبار ايران على وقف برنامجها النووي. وقال امين مجلس دول التعاون الخليجي امام المشاركين في مؤتمر اقليمي عقد في المنامة بحضور وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس – ليس من مصلحتنا ان ننزج مع ايران في تصادم عسكري .
واضاف المسؤول القطري في دفاع عن قيام قطر بدعوة الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد الى المشاركة للمرة الاولى في قمة مجلس التعاون الخليجي في الدوحة قبل ايام ان الدخول في محادثات مباشرة لا يعني انه يفترض بنا ان نكون على توافق منذ البداية مع الطرف الاخر .
وتابع لا نستطيع تسوية المشاكل عبر عزل ايران التي تبقى لاعبا مهما جدا في المنطقة.
واعتبر توبي دودج المستشار في المؤسسة الدولية للدراسات الاستراتيجية التي تنظم هذا المؤتمر ان مخاوف دول مجلس التعاون الخليجي من تدهور الوضع العسكري في منطقة الخليج مبررة تماما.
وقال ان ايران سترد على اي عمل عسكري، وكل منطقة الخليج ستتأثر ، مضيفا ان استراتيجية دول مجلس التعاون تقضي بدعم سياسة اميركية فعالة لضبط ايران من دون تدخل عسكري .
واعتبر ايضا ان دول مجلس التعاون تبدي خشيتها من الطموحات الايرانية لفرض هيمنة على المنطقة .
وفي السياق نفسه، يرى مأمون فندي المستشار ايضا لدى المؤسسة الدولية للدراسات الاستراتيجية ان دول الخليج العربية تخشى هيمنة ايرانية على المنطقة .
ولم يخف رئيس الحكومة القطرية مخاوفه في هذا الاطار عندما قال ان من المهم جدا الا يسعى اي طرف الى فرض هيمنته على المنطقة .
واعتبر مستشار الامن القومي العراقي موفق الربيعي خلال المؤتمر نفسه ان تقرير الاستخبارات الاميركية حول ايران مشجع جدا (…) ونعتقد انه سيدفع ايران باتجاه الاعتدال اكثر.