دنيا الوطن – علي ساجت الفتلاوي: بعد الاعلان عن إيقاف عملية”عاصفة الحزم”، وإتاحة السبيل للجهود السياسية و الدبلوماسية، خصوصا بعد أن تم”إعطاء”الدرس المطلوب لجماعة الحوثي و حلفائهم و کسر جبروت تعنتهم و غرورهم و تماديهم بالقوة و العنف سبيلا لتحقيق الاهداف و الغايات، فإنه من الضروري جدا أن تکون هنالك عملية إعادة نظر في مجمل السياسات التي يتم إنتهاجها حيال نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية و السعي للخروج بنهج سياسي جديد يمکن إعتماده کخارطة طريق لدول المنطقة في التعاطي مع طهران.
القوة العسکرية و مايتعلق بها مع أهميتها و دورها الحيوي، لکنها أحيانا لايمکن أن تٶدي الدور المطلوب المناط بها من أجل تحقيق أهداف او غايات محددة، ولذلك فإن الالتفات الى الخيارات الاخرى سيکون ضروريا و مهما بهذا الصدد، وان العبرة الاساسية التي يجب أن نأخذها قبل و بعد عملية”عاصفة الحزم”، ان طهران قد نجحت في إختراق الامن القومي بصورة عامة و الامن الاجتماعي بصورة خاصة للعديد من بلدان المنطقة و تهدد في نفس الوقت دول أخرى بکل ماللکلمة من معنى، والسٶال الذي يجب أن نطرحه: لماذا تکون أبواب بلدان المنطقة مفتوحة على مصاريعها أمام إيران لتقوم بتأسيس أحزاب او إقامة علاقات مع أطراف سياسية معينة و تدفعها بإتجاهات تخدم مصالحها، في حين أن أبواب طهران بهذا الخصوص ليست مغلقة وانما تعتبر أيضا خطا أحمرا لايجوز المساس به أمام بلداننا.
طوال العقود الثلاثة المنصرمة، کان هنالك نشاطا و تحرکا محموما من جانب طهران بإتجاه التغلغل في دول المنطقة و إيجاد مناطق نفوذ لها، ولاريب من أنها قد تمکنت من تحقيق الکثير من الاهداف و الغايات الخاصة بها، خصوصا بعد أن نجحت في توظيف أحداث و تطورات بالغة الخطورة کحرب الکويت و الاحتلال الامريکي للعراق و حتى الحرب الحالية التي يتم شنها ضد تنظيم داعش الارهابي، ورسخت أکثر من نفوذها و دورها الى الدرجة التي بإمکاننا القول من أنها باتت الان تمتلك زمام المبادرة في العديد من بلدان المنطقة بسبب من ذلك، لکننا وعندما نراجع سياسات بلدان المنطقة بنفس الاتجاه، نجدها أشبه ماتکون بالمشلولة او المنطوية على نفسها و تحذر تماما من أي تغيير في سياساتها ولاسيما من حيث مد الجسور مع المعارضة الايرانية وعلى وجه الخصوص المجلس الوطني للمقاومة الايرانية، والانکى من أنها و عوضا أن تسعى لإمتلاك روح المبادرة و تغير من المعادلة السلبية الحالية التي تميل لصالح طهران تماما، فإنها تنتظر أحداثا و تطورات خارجية لتبني على أساسها!
مشکلة بلدان المنطقة أنها تحذر من التعامل مع المقاومة الايرانية التي تعتبر أهم و أکبر فصيل إيراني معارض لنظام الجمهورية الاسلامية في إيران خوفا من ردود فعلها، لکن المثير للسخرية أن الذي تتخوف منه هذا البلدان قد حدث و کما يقول المثل(وقع الفأس بالرأس)، وان إيران تدخلت و تتمادى أكثر في تدخلها مستغلة عجز و تردد و توجس دول المنطقة، وان عاصفة الحزم التي کانت ولأول مرة تمثل نقطة عطف و تحول في سياسة بلدان المنطقة تجاه أزمة بإتجاه إمتلاك زمام المبادرة و ليس الانتظار السلبي، واننا نعتقد بأن المطلوب بعد سکوت صوت المدافع و قصف الطائرات لعملية”عاصفة الحزم”، هو الالتفات بإتجاه المقاومة الايرانية التي تمتلك برنامجا سياسيا مستقبليا متکاملا يتناغم و يتناسب مع السلام و الامن و الاستقرار في المنطقة، واننا نرى في هذه الخطوة مايثبت بأن جدار الرهبة من طهران الذي تحطم بعد عاصفة الحزم من الضروري أن يکون هناك سياق سياسي يعقبه بنفس الاتجاه، وان الاعتراف بالمقاومة الايرانية و فتح مکاتب لها في بلدان المنطقة، سوف يمثل البداية الحقيقية و الواقعية لهذا السياق.