موقع مجاهدي خلق الايرانية
منذ يوم الخميس المصادف لـ26آذار/مارس الجاري أصبحت التطورات في اليمن تتصدر أخبار العالم وذلك بعد أن شنت القوات العسكرية للتحالف الإقليمي وبمساهمة 10دول في محورها المملكة السعودية العربية عملية عسكرية خاطفة في البلاد طيلة الأيام المنقضية وألحقوا ضربات ساحقة بهم وجاءت هذه الخطوة العسكرية بعدما فشل مساع سياسية بادرت إليها الدول الأعضاء في التحالف لإقناع الحوثيين بحسم الأزمة بشكل مسالم ومن خلال مفاوضات. إلا أن الحوثيين الموالين للنظام الإيراني تماما ليس فقط رفضوا هذه الدعوات والإنذارات، بل اعتبروها علامة ضعف من تلك الدول فشنوا هجوما شديدا على عدن جنوبي اليمن حيث نقلت الحكومة الشرعية للبلاد.
فبالتالي حين أقدمت قوات التحالف وبناء على طلبات من الشعب اليمني والحكومة الشرعية للبلاد على شن غارات جوية على الأهداف الحوثية من أول ساعات لفجر الخميس، فإنها قوبلت بترحاب اقليمي واسع فضلا عن الشعب اليمني وكذلك المجتمع الدولي وأعلنت الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأروبية الرئيسة إضافة إلى الاتحاد الأروبي عن دعمها للعملية كما أعلنت كل من مصر والمغرب والسودان والباكستان استعدادها للمشاركة في هذه العملية التي بدأت بواسطة قوات من المملكة السعودية والأردن والكويت والإمارات العربية المتحدة وقطر كما قوبلت العملية بتأييد من قبل جامعة الدول العربية وحتى منظمات من الدول الإسلامية وفي هذه الأثناء فإن الدعم الشامل الذي أبداه الرئيس التركي للعملية له أهمية خاصة باعتباره رئيسا لأحد الدول الهامة للمنطقة، حيث قال رجب طيب أردوغان: ”على النظام الإيراني سحب قواته من سوريا والعراق واليمن.“ مؤكدا أن النظام الإيراني أصبح غير قابل للتحمل بالنسبة لتركيا ودول المنطقة على رأسها المملكة السعودية.“
وبهذا تشكل في المنطقة اصطفاف سياسي جديد، تتحدى فيه جميع دول المنطقة وشمال أفريقيا فضلا عن أوروبا وأمريكا وفي كلمة واحدة العالم يقف برمته بوجه النظام الإيراني وأذنابه منها جماعة الحوثيين.
وليس من الصدفة أن نرى اختلافا شاسعا بين نبرة خطابات مسئولي النظام وإعلامه قبل هذا الهجوم وبعده خلال بضع ساعات حيث كان الملالي وقبل الهجوم يتبجحون وأجهزة الإعلام للنظام كانت تتحدث عن تقدمات للحوثيين وتفيد”إرسال قوات ومعدات وتجهيزات عسكرية و… فضلا عن مسك تعز بالكامل وهو ثالث أكبر المدن اليمنية “ على يد جماعة الحوثيين.“ (قناة النظام- 22آذار/مارس 2015)
وفي جعجعة فارغة أعلن النظام: ”أن حركة أنصار الله (الأسم الذي أطلق النظام على جماعة الحوثيين) أرسلت قوات جديدة إلى جنوب اليمن كي تسيطر على مدينة عدن بعد سيطرتها على تعز.“ (قناة النظام- 24آذار/مارس 2015)
كما سبق أكبر رموز ومسئولي النظام ووصفوا صولات وجولات الحوثيين في اليمن بأنها ”تجسد انجازات الثورة الاسلامية خارج الحدود.“ (الحرسي جعفري رئيس قوات الحرس- وكالة أنباء إيرنا الحكومية- 19أكتبر/تشرين الأول 2015)
وكانوا يصرحون بالقول: ” يوما ما كانت حدودنا شلمجه وحاج عمران ومهران، لكن اليوم أصبحت حدودنا ضفاف البحر الأبيض المتوسط بينما يهتف اليوم اليمن شعارات اسلامية وثورية.“ (الملا سعيدي ممثل الخامنئي في قوات الحرس – قناة النظام الأيراني 11آذار/مارس 2015)
كما كان الخامنئي يؤكد على أن ”حفظ النظام من أوجب الواجبات“ متبجحا أن ”فكرة الباسيج التي أنشأها الخميني ماضية في طريقها وتنشط في كل من لبنان والعراق وسوريا وغزة وفلسطين واليمن.“
لكن التقدم والتضخم الفقاعي الذي كان دافعه ”الحفاظ على نظام الملالي“ السائر نحو الانحطاط حسب ما صرح به الخامنئي، لم تبن على أسس مادية وواقعية حيث أنها أنهارت وكسرت شوكتها بأول خطوة ”حازمة“ انفجرت كنفاخة فجأة بوخزة إبرة.
وبعد إلحاق أول ضربات، باتت تبجحات النظام من الماضي حيث أعرب وزير الخارجية للنظام، ظريف عن قلقه تجاه ”وحدة الأراضي اليمنية“ و”نزيف الدم ودمار الشعب“، كلام لم يكن له معنى لدى النظام قبل ذلك وأكد ”أنه من الضروي أن تتوقف العمليات العسكرية بأسرع ما يمكن ويبدأ الحوار للبحث عن الحل.“ (قناة النظام 26آذار/مارس 2015)
كما أعربت المتحدثة باسم خارجية الملالي بهلع عن قلقها تجاه ”تعقيد الأوضاع واتساع نطاق الأزمة إضافة إلى فقد الفرص لحل سلمي للملف.“ (قناة النظام 26آذار/مارس 2015) وهذا في وقت كان النظام قبل ذلك يسخر من هذه المفردات معتبرا إياها ضعف الطرف المقابل ولهذا تفاجأ بهذه العمليات العسكرية.“
يا ترى! هل كان النظام قد فكر في تداعيات محاولاته لإثارة الحرب وذلك دون التمتع بوجود قوة أو سلطة يعتمد عليها في تحمل هذه التداعيات؟ قد يكون من الصعب أن نتخيل ذلك، لكن النظام كمثل كل كائن كان بحاجة إلى هذه التبجحات حين وجد نفسه محاصرا بين الأزمات إلى حد لم يكن قادرا على حساب تداعياتها فبالتالي كان ولايزال يعمل على التستر على تخاذله وضعفه من خلال التضخيم و التهويل الفقاعي مستغلا هذا التمدد المزيف كورقة قوة في المفاوضات النووية ويشجع عناصره المنشقين والقلقين.
فإن المعنى السياسي لهذا التغيير في خطاب إعلام النظام وتحويل تلك الصولات والجولات إلى التوهات والتوجعات هو أن النظام يدرك جيدا أن الصفحة قد انقلبت وأصبحت مجريات الأمور تسير في مسار عكس ما كان يتوقعه هو. ما بدأ اليوم في اليمن لن ينتهي في اليمن نفسه وإنما أمواج التغيير هذه ستجتاح بسرعة جميع المجالات التي يتواجد فيها النظام بدءا من المفاوضات النووية وامتدادا إلى العراق وسوريا وفلسطين ولبنان.
وبإلقاء نظرة عميقة فان تطورات اليمن لا تمثل الحلقة الأولى لهذه السلسلة بل يشكل العراق الحلقة ما قبلها حيث كان النظام قد انبرى وبزج الميليشيات الخاضعة له ولعناصره للسيطرة على تكريت ومحافظة صلاح الدين في عمق العراق لكي يثبت مسمار هيمنته وسلطته في العراق. تلك السلطة التي فقدها جراء اسقاط المالكي إلا أنه طاشت سهامه وبعد تكبده خسائر فادحة سحب عناصره من محافظة صلاح الدين. وكما وافقت أمريكا على طلب الحكومة العراقية بتنفيذها غارات جوية شريطة انسحاب الميليشيات المدعومة من النظام الإيراني من المنطقة (تصريحات الجنرال لويد اوستين أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأمريكي آسوشيتدبرس – 26 آذار/ مارس)
وليس من باب الصدفة أن محلل النظام يصف التحالف الاقليمي في اليمن استمراراً للتحالف الدولي في العراق (سعدالله زارعي – قناة النظام 26 آذار/ مارس)
والسؤال الذي يطرح نفسه الان هو ما سيفعله النظام حيال هذا التطور؟
هناك طريقان أمام النظام والطريق الأول هو دعمه الكامل للحوثيين ووقفه بعنف وقوة عسكرية بجانبهم كي يقلب الصفحة وأما الطريق الثاني أمام الواقع الفعلي وموازنة القوى الجديدة فهو تمكينه له وتجرعه علقم الهزيمة.
ويؤكد تشكيل التحالف الاقليمي والدعم الوسيع العالمي له أنه لا تملك إيران أي قوة لتصدي هكذا قوة حتى اذا شاءت إضافة إلى ذلك فقصم ظهر القوات العسكرية للحوثيين حيث أنهم باتوا لا يمتلكون أدنى فاعلية وقدرة عسكرية فلا موقع لهم في ميزان القوى إذن لا معنى لأي تدبيرعسكري إلا الانتحار.
لكن لم تتنه المسئلة بالانسحاب من اليمن في هذا البلد بل الواقع يفرض على النظام التراجع من سائر الساحات مباشرة والنظام أدرى بالموضوع من الأخرين
فبالتالي وجد النظام نفسه أمام مفترق على غرار ما يواجه في ملفه النووي إما الموت أو الانتحار؟