
ومثل هذه المؤامرات التى تحاك لا تتغذى وللأسف إلا على دماء البشر، وأول من يدفع الروح ثمنا لها هم البسطاء الذين لا يملكون أدنى مقومات الحياة، ويعيشون فشلا لا متناهيا من القدرة على حماية الذات.
كل الممالك التى قامت سوّق أصحابها لفكرة مجنونة صدقها وروج لها طغمة شريرة تدرك أنها أول من سيحصد خيرها وآخر من سيدفع ثمنها بدء من ممالك الفراعين والبابليين والآشوريين ومرورا بممالك الدنيا الأربعة الروم وفارس والصين والهند وانتهاء بالامبراطوريات البريطانية والفرنسية والروسية والألمانية وأخيرا الأمريكية.
وحتى ظهور ممالك جديدة ستستمر المؤامرة الكبرى على آلاف الملايين من البشر، فالكل طامع وطامح ويأمل الوصول لكرسى من سبقوه وسكن قصورهم؛ ولكنه لا يدرك فى ظل سكرة الفكرة أن ثمن الوصول إلى حلمه المجنون هو حياته وحياة الملايين معه.
الغريب والعجيب أن البسطاء الذين لا حلم لهم غير العيش الآمن، وامتلاك قوت اليوم، يصر الأشرار ادخالهم دائرة المؤامرة حتى تدور العجلة، ومن يأبى يقتله الوسيط المؤمن بالفكرة والطامح لخير يأتيه من ورائها.
فى الدولة الوريثة لأحد أعمدة الدنيا الأربعة وهى مملكة فارس، يجلس فى طهران هذا النموذج من الطغمة المتوحشة، التى لا تسمح بخروج صوت ولو هامس فى أذن الإيرانيين يقول لهم أن ثمة حياة افضل مما تعيشونها، حياة يحيا فيها الإنسان حرا غير مستعبد، ومبدع غير مقلد، وسيد ليس عبدا.
هذه الطغمة لا تترك معارضيها فى الداخل ولا فى الخارج دون عقاب مؤلم يصل إلى حد ازهاق النفس التى حرم الله قتلها إلا بالحق، والأعجب أنك تجدهم يتحدثون باسم الدين!
هؤلاء الأشرار طاردوا اعضاء منظمة مجاهدى خلق بالسجن والقتل، فلم يثنيهم ذلك عن اعلاء الصوت وايقاظ الضمائر وتجديد الهمم للخروج ضد استبداد الملالى وبطشه، ولكن الجرائم والمجازر بحقهم امتدت من ايران إلى خارجها، وتحديدا فى العراق التى لجأوا اليها طالبين الحماية، فتعرضوا لعشرات الهجمات بمختلف الأسلحة وراح منهم مئات الضحايا كان آخر فى مجزرة الأول من سبتمبر/ايلول الجارى وارتقى إلى باريهم 52 من أنصار الحرية فى مخيم أشرف، فضلا عن عشرات المصابين واختطاف آخرين.
ومع كل صفارات الانذار التى أطلقتها الأصوات الحرة فى العالم منذ سنين بعد رحيل القوات الأمريكية من العراق محذرة من الخطر الداهم على أرواح المساكين فى مخيمى أشرف وليبرتى؛ غير أن العالم ومجتمعاته الدولية والحقوقية صمت آذانها واغمضت عيونها فاستمرت المجازر، وإنى لأعجب من هذا المجتمع الدولى الذى يتوهم أن نظاما تابعا للملالى المجرم ولا يحمى ارواح شعبه فى العراق يمكن أن يحمى اللاجئين له على أرضه؟!
مدير مركز فرسان العصر للدراسات الاستراتيجية