
لقد استعمل غاز السارين لما له من ميزات كونه خطير للغاية من جهة ويترك أثره بسرعة كبيرة, فضلا عن أن آثار استخدامه تزول بسرعة أيضا. وبالتحديد بعد نصف ساعة تزول عندما تصل درجة الحرارة الى 36 درجة ولا تبقى منها أي آثار, ولهذا السبب فان النظام المجرم استخدم هذا النوع من الغازات لكي لا تترك حججا بيد لجان التحقيق الدولية.
لقد تم اطلاق هذه الغازات باستخدام 15 صاروخا برؤوس كيماوية بالكاتيوشا انطلاقا من جبل قاسيون ومطار المزة العسكري وبوابة القابون (بانوراما) ومن مركز الأبحاث العلمية في برزه, أي من مركز قوات النظام الأسدي نحو مناطق الغوطة الغربية والشرقية لريف دمشق.
لقد تم قصف المواطنين الأبرياء بشكل مفاجئ واستهدف الأطفال والمتقدمين في السن والنساء بينما كانوا نياما. وشاهد الكثيرون في العالم عبر شاشات التلفاز أو على الانترنت مشاهد هذه الجريمة النكراء.
ليس هناك أدنى شك في أن هذه الفعلة الأثيمة نفذتها قوات النظام الأسدي وجيشه العميل حيث لا يتورعون عن ارتكاب أي جريمة ضد أبناء الشعب, ولكن ما بقي خافيا هو أن نظام بشار الأسد أصبح أعجز من أن يتخذ بنفسه مثل هذا القرار.
الحقيقة التي يجب أن يدركها العالم هي أن استخدام الغازات السامة ضد مناطق الغوطة الغربية والشرقية بدمشق صدر أمره بايعاز من قاسم سليماني قائد قوة “القدس” الايرانية الذراع الارهابية للحرس الثوري.
كنت شاهدا بأم عيني وبالتحديد بعد عامين بعد اندلاع ثورة الشعب أن قادة الحرس الثوري هم الذين يتولون فعلا قيادة قوات الأسد, وأصبح بشار الأسد كإنسان مسلوب الارادة لا يصدر عنه أمر, بل تصدر الأوامر من طهران وبالتحديد من قاسم سليماني.
وما ظل خافيا على العالم هو أن النظام الايراني البغيض هو الذي يمارس القتل والابادة باستخدام مختلف الأسلحة التقليدية والآن الكيماوية.
وهو نظام أعدم حتى اليوم عشرات الآلاف من أبناء الشعب الايراني في ايران وبالذات ناشطي منظمة “مجاهدي خلق” الايرانية القوة المحورية للمعارضة الايرانية, وذلك حفاظا على حكمه وهدفه ومثلما أكدت السيدة مريم رجوي الرئيسة المنتخبة من المجلس الوطني للمقاومة الايرانية هو توسيع نفوذه وهيمنته في المنطقة لكي يتمكن من ابقاء حكمه المترنح في طهران. لقد وسع هذا النظام نطاق الأزمة ليمتد الى العراق ثم لبنان والى سورية وجعل أواصر العلاقات بين هذه الدول متشتتة ومتفككة.
ان تقدير السيدة رجوي صائب تماما بأنه لو لا حضور شامل للحرس الثوري في سورية ودعم النظام الايراني لبشار الأسد تسليحيا وماليا لكان نظامه قد سقط منذ زمن.
اليوم هذه الفاشية الدينية الحاكمة في ايران هي التي أبقت على هذا النظام المجرم من خلال ارسال قطعان الحرس ومختلف الأسلحة وانفاق عشرات المليارات من الدولارات من ثروات الشعب الايراني المسكين.
كما ان رئيس نظام الملالي الجديد قد وصف الحكومة في سورية بأنها هي الممثل الشرعي للشعب السوري وقال خلال لقائه برئيس الوزراء السوري يوم الرابع من اغسطس: “لا قدرة في العالم قادرة على تخديش علاقاتنا مع الحكومة السورية”. كما حاول وزير خارجية روحاني المدعو جواد ظريف أن يكون ناطقا لحكومة الأسد ليلقي اللوم على المعارضة السورية في هذه الجريمة الحربية والجريمة ضد الانسانية.
اننا نقول للعالم والحكومات الغربية: كفى كلاما. قوموا بمساعدة أبناء الشعب السوري الأبرياء وهم مستحقون للعون والحماية لهم.
القيام باجراء عملي ضد دمشق في طهران هما وجهان لعملة السياسة الصحيحة. فأي تباطؤ في هذا المجال هو بمثابة الضوء الأخضر لعملية ابادة أكبر ومجازر أكثر بحق المواطنين الأبرياء.
* لواء سابق في الجيش السوري
[email protected]