قضية الاصلاح و التغيير التي يحاول تيار من داخل النظام تلاقفه و تبنيه لأغراض و أهداف و غايات خاصة تتناقض مع ماهيتها الحقيقية، انما هي قضية ضرورية و ملحة و مطلب جماهيري اساسي لمواجهة الاوضاع الصعبة و الوخيمة التي نجمت و تداعت عن السياسات الحمقاء و المجنونة للنظام القمعي، وان الهلع و الرعب اللذين أصابا النظام منذ بدأت الشرائح المختلفة للشعب الايراني تطالب بالتغيير قد تصاعدا مع مرور الايام بعدما تيقن النظام من أن الشعب جاد کل الجدية في مسألة التغيير ولهذا بدأ کعادته بالسعي من أجل الالتفاف على هذه القضية و تفريغها من محتواها الاصيل و الواقعي، حينما بدأ يربط بين الاصلاح و التغيير و بين وجوه معينة من داخل نظامه بغية لجم هذه القضية و التحديد من مخاطرها و تهديداتها الکبيرة على النظام.
لاريب من أن هنالك العديد من القوى و الشخصيات السياسية الايرانية و من مختلف المشارب و الاتجاهات التي ترفض النظام و تدعو الى إسقاطه و إحلال البديل الديمقراطي محله، لکن وفي نفس الوقت يمکننا القول بأنه ليس هنالك من قوة او شخصية سياسية إيرانية معينة تحمل معها مشروعا سياسيا ـ إجتماعيا ـ فکريا للتغيير و لا دعوة صريحة و واقعية و جدية لإسقاط نظام الملالي کما هو الحال مع السيدة مريم رجوي رئيسة الجمهورية المنتخبة من جانب المقاومة الايرانية، حيث أکدت هذه القائدة و الزعيمة الفذة من خلال خطبها و تصريحاتها المختلفة بأن لاطريق أمام الشعب الايراني لنيل الحرية و ممارسة الديمقراطية إلا عبر إسقاط النظام فقط لأن بقاءه يعني بقاء الاستبداد و القمع وان الحرية و الاستبداد لايمکن أن يکونا الى جانب بعضهما البعض.
مجئ روحاني الى سدة الحکم بعد المسرحية المفتعلة و الممجوجة للنظام، دفع الکثيرين للإنبهار و الانخداع به من دون أن يفکروا مليا بأن روحاني قد کان طوال 34 عاما مجرد أداة من أدوات النظام القمعية و بذل قصارى جهوده من أجل خدمة و رفعة النظام، لکن السيدة رجوي و لکونها تحمل مشروعا متکاملا للتغيير فإنها الوحيدة التي خاطبت روحاني في کلمتها بتجمع باريس الضخم في 22 حزيران الماضي، قائلة بأن الاعتدال الحقيقي في إيران يمکن تحقيقه في خمسة شواخص مادية ملموسة نابعة عن الحاجيات الملموسة للشعب الايراني وهي:
1ـ حرية التعبير.
2ـ إطلاق سراح السجناء السياسيين.
3ـ حرية الاحزاب و الکيانات السياسية.
4ـ وضع حد للسياسة العدوانية للنظام في کل من سوريا و العراق.
5ـ وضع حد لمحاولات النظام للحصول على القنبلة الذرية.
ولو تمعننا في هذه الشواخص الخمسة بالغة الاهمية، لتأکدنا بأن السيدة رجوي قد أجادت في مسك روحاني من الموضع الذي يؤلمه، إذ وضعته مباشرة أمام الامر الواقع فإما التغيير الحقيقي او الانصراف و الاعتراف بالحقيقة.
مريم رجوي، تلك المرأة ذات العزم الفولاذي و الايمان الراسخ بقضية شعبها، أثبتت لشعبها و للعالم کله بأنها صوت التغيير الحقيقي و صداه الواقعي في إيران، وبينت کذب و زيف و دجل اولئك الذين يدعون الاعتدال و التغيير لکنهم و في الحقيقة يخططون من أجل إجهاض أي حالة او محاولة بإتجاه التغيير.