السياسه الكويتية – داود البصري : من يراقب طبيعة الأداء السياسي والعملي لرئيس الحكومة العراقية نوري المالكي وهو أيضا زعيم لحزب “الدعوة” الإسلامية الطائفي ذو الجذور والمنطلقات الفكرية والولائية الإيرانية لابد أن يستنتج من أن هذا الرجل هو واحد من أخطر الظواهر السياسية السلبية في العراق, كما أنه قد تحول لمشروع أزمة داخلية وطنية مستفحلة ولحالة فظيعة من حالات التأزم الدائم المرتبط بفشل مستمر لايعرف الحدود ولا القيود , ولعل مايعزز تلك النظرة سلسلة الإجراءات والتصريحات العصبية المفتقدة لكياسة من يفترض أنه رجل الدولة وصاحب الموقع الأول فيها ,
فسلسلة الانتكاسات العراقية قد استمرت مع الفشل المريع في سجل الخدمات العامة وتراجع الأداء الحكومي وانهيار البنية التحتية رغم صرف المليارات على بنودها التي لم تر التنفيذ أبدا, وحتى إن نفذت فبأسلوب لصوصي فاسد وغير سليم , ومن يرى حالة المدن العراقية بعد الأمطار الأخيرة والتي غرقت وتداعت لايمكن إلا أن يصنف حجم وطبيعة دولة الفساد الشامل التي يقودها نوري المالكي بحكومته الناقصة العجفاء المتأزمة, يضاف الى ذلك كله تراجع حضاري عراقي مريع في ظل تمدد ممارسات متخلفة جعلت من العراق سيركا كبيرا للعروض المتخلفة من نفايات التاريخ, ويأتي على رأس هرم الفشل, سوء إدارة ملف الصراع الداخلي الوطني وحشر الوطن والشعب ضمن خانة سياسة حافة الهاوية عبر التراجع المريع والتنصل المخجل من كل الإتفاقيات السابقة بين فرقاء العملية السياسية الكسيحة أصلا, إضافة الى الفتن والابداع في إغراق البلد بمهرجانات لا تنتهي من العطل الدينية والطقوسية المعرقلة للعملية الإنتاجية والضاربة على جذور الفتنة السوداء حتى تحول العراق بأسره كرنفالا عابثا من تضييع الوقت ومن ثم البكاء على الأطلال في ظل سياسة عسكرة عدوانية واضحة لا تتوجه أبدا الى حماية البلد من الأخطار الخارجية وفي طليعتها التمدد الإيراني المزعج والبائس والخبيث بل أن التحشد والعسكرة وقعقعة السلاح باتت موجهة بالكامل لحسم الصراعات الداخلية بوسائل عسكرية من خلال التصعيد ضد حكومة إقليم كردستان والحرب الإعلامية ضد الرئيس الكردي مسعود بارزاني وبأسلوب عنجهي يذكرنا بأساليب نظام البعث البائد رغم أن السيد مسعود بارزاني ماغيره كان له الفضل الأكبر في تأمين مقعد رئاسة الحكومة للمالكي! وهو أمر يعرفه الأخير جيدا ويعتبره نقطة ضعف في سجله يحاول الهروب من إلتزاماتها عبر خلط الأوراق و تصعيد الموقف واعتبار الصراع مع حكومة كردستان بمثابة صراع وطني ضد عصابة كردية! رغم أننا نعلم جميعا من هي العصابة ? ومن هم اللصوص ? وكيف تسلقوا على السلطة? وكيف لجأوا لمختلف الوسائل والحيل والأحابيل لمحاولة الهيمنة على السلطة وتوريثها إن أمكن للأبناء والأحباب ولمن ترضى عنهم المخابرات السورية.. والإيرانية التي هي اللاعب الأقوى اليوم في العراق وتتحرك طوليا وعرضيا من أجل المساهمة في فك حصار النظام السوري ومنع سقوطه مستغلة حكومة نوري المالكي المدعومة إيرانيا لتسويق النظام السوري وللرد على الدور الكردي الفاعل وبقيادة الرئيس مسعود بارزاني شخصيا لمساعدة الثوار السوريين والإسراع في حسم ملف الصراع السوري وإسقاط نظام القتلة في دمشق? وهي عملية يحاول الإيرانيون والمجاميع الطائفية المريضة المتحالفة معهم إجهاضها بأي ثمن, رغم أن المنطق وحقائق التاريخ والواقع باتت تؤكد الانهيار الحتمي للنظام السوري وعدم إمكانية تعويمه أو إعادة تسويقه مهما كانت الظروف والأحوال, فتش عن الدور الإيراني المفجع والخبيث في ثنايا احتدام التهديدات المالكية ضد كردستان , وحيث يلعب الرجل لعبة شعبوية باتت مفلسة ومكشوفة تعتمد على إثارة الأحقاد وإبعاد الشبهة عن اللصوص الحقيقيين الذين نهبوا العراق وهم جماعة الأحزاب الطائفية المعروفة و المفضوحة أيضا بوزرائهم الهاربين أو أولئك المتخفين تحت شعارات المظلومية التي فقدت مصداقيتها, خطورة نوري المالكي الحقيقية لاتكمن في طائفيته المقيتة ولا في عجزه الإداري وفشله السلطوي ولا في الروح الفاشية التي يحملها كأي دعوي حاقد على نفسه قبل الإنسانية, بل أن الخطورة كل الخطورة تكمن في تحوله وحكومته للعبة إيرانية يحركها الولي الفقيه في طهران بال¯”ريموت كونترول” لتتغير المواقف والتوجهات حسب الفرمانات الهمايونية الصادرة من بلاط ولي العصر و الزمان في قم وطهران… وتلك هي المسألة.
* كاتب عراقي