موقع المجلس:
يوافق 25 نوفمبر اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، وهو مناسبة تستحضر العالم فيها ذكرى الأخوات ميرابال اللاتي قُتلن عام 1960 بسبب مقاومتهن للاستبداد. غير أن هذا اليوم يحمل معنى أشد مرارة في إيران، حيث لا يقتصر العنف ضد المرأة على كونه ظاهرة اجتماعية، بل يشكّل جزءاً من البنية الحاكمة وسياسات النظام، ما يجعله أحد أعمق انتهاكات حقوق الإنسان وأكثرها استمراراً.

المرأة الإيرانية تحت نظام الملالي: مأساة تتجدد منذ 1979
وفق تقارير منظمات حقوقية، فإن العنف الممنهج ضد المرأة في إيران ليس نتيجة عادات اجتماعية فحسب، بل هو نتاج منظومة قوانين وسياسات تمييزية ترسخت بعد ثورة 1979. فمع بداية حكم الملالي، فُرض الحجاب الإجباري بشعار “إما الحجاب أو الضرب على الرأس”، وتعرضت النساء الناشطات للاعتقال والتعذيب وحتى الإعدام خلال الثمانينيات. وقد أدى ذلك إلى تقليص دور المرأة في المجال العام ومنعها من كثير من الحقوق الأساسية.
أنماط العنف ضد المرأة في إيران: صورة متعددة الطبقات
تُظهر التقارير الحقوقية أن العنف الممارس ضد المرأة في إيران يأخذ أشكالاً متداخلة تشمل:
1. العنف الحكومي والمؤسسي
يُعد الأخطر والأشد تأثيراً، حيث تستخدم الدولة مؤسساتها لفرض قيود على النساء عبر قوانين تمييزية، وشرطة الأخلاق، ودوريات مراقبة الحجاب. ويظهر هذا العنف في منع النساء من دخول الملاعب، إقصائهن عن تخصصات جامعية، وحظرهن من ممارسة وظائف معينة.
2. العنف المنزلي المقنن
في ظل قوانين تمنح الرجل سلطة شبه مطلقة داخل الأسرة، يصبح المنزل أحد أخطر الأماكن على كثير من النساء.
أبرز مظاهره:
الزواج القسري للقاصرات
غياب آليات قانونية تحمي المرأة من العنف الأسري
قوانين تشمل الرجم والتمييز في الميراث
صعوبة الحصول على الطلاق حتى في حالات الضرر البالغ
3. العنف الاجتماعي والاقتصادي
تتفاقم هذه الأشكال بسبب غياب تشريعات رادعة، مما يؤدي إلى انتشار التحرش، وجرائم “رش الأسيد”، وجرائم القتل تحت غطاء الأعراف.
اقتصادياً، تواجه النساء تمييزاً في الأجور وفرص العمل، واستبعاداً ممنهجاً من المناصب القيادية، ما يعمّق تبعيتهن الاقتصادية ويحد من قدرتهن على كسر دوائر العنف.
4. العنف النفسي والإعلامي
يلعب الإعلام الرسمي دوراً في ترسيخ ثقافة لوم الضحية، مما يضاعف الضغط النفسي والاجتماعي على النساء ويمنع كثيرات من الإبلاغ عن العنف.
سجون النساء في إيران: معاناة بلا حدود
تكشف تقارير حقوقية عن أوضاع مروعة في سجون النساء مثل “عادل آباد” و”قرجك”:
اكتظاظ شديد يجبر السجينات على النوم أرضاً
مرافق متهالكة وانتشار الأمراض الجلدية والتنفسية
حرمان من الهواء الطلق ومن المواد التعليمية
إهمال طبي يهدد الحياة، من أبرز أمثلته وفاة السجينة سمية رشيدي نتيجة عدم نقلها إلى المستشفى رغم تدهور وضعها الصحي

المرأة الإيرانية في قلب المقاومة
تشير الدكتورة زينب البدول إلى أن المرأة الإيرانية أصبحت أحد أعمدة النضال من أجل الحرية، سواء من خلال النشاط السياسي، أو دورها المحوري في وحدات الانتفاضة والمقاومة الشعبية. وبالرغم من القمع، تظل النساء حاضرات بقوة في كل الحركات الاحتجاجية.
أرقام صادمة: ارتفاع حالات إعدام النساء
يكشف تقرير “جمعية حقوق الإنسان الإيرانية” أنه منذ بداية العام الإيراني (مارس 2025)، جرى إعدام ما لا يقل عن 44 امرأة. كثيرات منهن كنّ ضحايا للفقر المدقع أو العنف الأسري أو الزواج القسري قبل أن يجدن أنفسهن في مواجهة أحكام قاسية، ما يجعل الإعدام نفسه شكلاً من أشكال العنف المركب ضدهن.

خاتمة: لا عدالة بلا تحرير المرأة
يؤكد التقرير أن إنهاء العنف ضد المرأة في إيران مرتبط جذرياً بتحقيق الحرية والعدالة للجميع. فالمرأة الإيرانية أثبتت خلال العقود الماضية أنها رأس الحربة في مواجهة القمع والتمييز، وأن أي مستقبل ديمقراطي للبلاد لا يمكن أن يتحقق دون ضمان حقوقها، وتمكينها، وإزالة الهياكل القانونية والسياسية التي تنتج العنف ضدها.








