موقع المجلس:
تتزايد المخاوف في الشارع الإيراني مع بدء السلطات تنفيذ خطوات تمهيدية لرفع أسعار البنزين، في مشهد يعيد إلى الأذهان أحداث نوفمبر 2019 الدامية. ويبدو أن الحكومة، في ظل أزمتها المالية الخانقة، تسعى إلى تطبيق الزيادة بشكل تدريجي لتجنب ردة فعل شعبية مفاجئة، ولتعويض عجز الميزانية المتفاقم.
محاولة جديدة لسد العجز المالي عبر “الرفع التدريجي”
في دلالة واضحة على تدهور الوضع الاقتصادي، يتجه النظام الإيراني إلى تحميل المواطنين عبء العجز الحكومي عبر خطة تهدف إلى زيادة أسعار الوقود تدريجياً. وتبرهن هذه الخطوات على عمق الأزمة المالية التي تواجهها الدولة، إذ يجري تجاهل الظروف المعيشية الصعبة التي يعاني منها ملايين الإيرانيين.
المرحلة الأولى: التضييق عبر إلغاء بطاقات الوقود الخاصة بالمحطات
كشف موقع “صمت” الحكومي في 23 نوفمبر 2025 عن بدء تجربة جديدة تقضي بإلغاء بطاقات الوقود التابعة للمحطات، والتي كانت تتيح تعبئة البنزين بسعر شبه مدعوم بعد انتهاء الحصة الشهرية للمواطنين. وتشير المعلومات إلى أن هذا الإجراء يمهّد إما لإلغاء هذه البطاقات نهائياً، أو لرفع السعر المخصص لها، خصوصاً لمن يتجاوز استهلاكهم 160 لتراً شهرياً، ما يعني عملياً دفع شرائح واسعة إلى شراء الوقود بأسعار أعلى بشكل غير مباشر.
إشارات رسمية تكشف الموقف الحقيقي
أكد فرهاد شهركي، النائب الأول لرئيس لجنة الطاقة البرلمانية، أن الحكومة تدرس فعلاً تغيير أسعار البنزين، رغم عدم تقديم خطة رسمية للبرلمان بعد. حديثه أوحى بأن قرار الزيادة قد اتُّخذ بالفعل، وأن التنفيذ ينتظر اللحظة المناسبة.

المرحلة الثانية: طرح البنزين السوبر كأداة لجسّ النبض
يرى خبراء أن قرار طرح البنزين السوبر المستورد بأسعار مرتفعة للغاية ليس سوى محاولة لاختبار ردود فعل الشارع تجاه زيادة محتملة في أسعار الوقود العادي. وذكر موقع “رويداد 24” أن المحللين يشككون في الجدوى الاقتصادية لهذا القرار، مرجحين أن الهدف سياسي بالدرجة الأولى. ووفق الخبير أمير محمدي، قد يصل سعر لتر البنزين السوبر إلى 75 ألف تومان، وهو رقم يهدف إلى دفع المواطنين إلى تقبّل أي زيادة مستقبلية في أسعار البنزين العادي باعتبارها “أخفّ ضرراً”.
قلق النظام من اندلاع احتجاجات جديدة
رغم حاجة الحكومة لرفع الأسعار بسبب عجز الميزانية، إلا أن النظام يعيش حالة خشية واضحة من رد فعل الشارع، خاصة بعد التجربة العنيفة في نوفمبر 2019. لذلك يحاول اعتماد سياسة “التدرج الهادئ” لتجنب تكرار سيناريو الاحتجاجات الواسعة.
لكن ومع تزايد الضغوط الاقتصادية على المواطنين وتزامنها مع إجراءات حكومية تقييدية، قد يتحول هذا الرفع التدريجي إلى شرارة جديدة لغضب شعبي واسع، في ظل وضع سياسي واجتماعي متوتر وغير مسبوق.








