صور لشهداء مجزرة صیف عام 1988 في ایران-
صوت کوردستان – منى سالم الجبوري:
عندما تحدث جريمة غير عادية يتم خلالها إبادة 30 ألف شخصا ولا يجري أي ذکر لها على المستويات الرسمية في بلدان العالم عموما وفي منظمة الامم المتحدة خصوصا، فإن ذلك ما يلفت النظر ويطرح في حد ذاته ألف سٶال وسٶال، لکن، الذي يتوقد في الذهن ويتجسد کإستنتاج لا مناص منه هو إن هکذا موقف غريب وغير منطقي، له تفسير واحد وهو تجاهل دولي متفق عليه.
في مجزرة صيف عام 1988، ومن خلال إصدار فتوى من جانب الخميني، مٶسس نظام الجمهورية الاسلامية، تم بموجبه إبادة آلاف السجناء السياسيين، حيث قامت ما سمي حينه ب”لجنة الموت” بتنفيذه الحکم وکان من ضمن أعضاء اللجنة الرئيس الراحل، إبراهيم رئيسي، ووزير الداخلية الاسبق مصطفى بور محمدي وغيرهم، والملاحظة الملفتة للنظر إنه وعلى الرغم من إن منظمة العفو الدولية أصدرت وقتها بيانا أدانت فيه المجزرة وإعتبرته جريمة ضد الانسانية، لکن لم يکن أي صدى آخر لتلك الجريمة المروعة ومرت مرور الکرام.
وهناك ملاحظة أخرى يجب أيضا أخذها بنظر الاعتبار والاهمية، وهي إنه وعندما بادرت منظمة مجاهدي خلق الایرانیة، التي کان أغلب السجناء السياسيين المعدومين في تلك المجزرة من أعضائها، الى طرح هذه القضية أمام المحافل الدولية ولاسيما بعد حملة”المقاضاة” التي قادتها السیدةمريم رجوي، رئيسة المجلس الوطني للمقاومة الايرانية، فقد صدرت تصريحات من جانب مسٶولين إيرانيين تنفي صدور فتوى من الخميني رغم إن الفتوى موثقة وحتى إن أحد أسباب إقالة آية الله منتظري، نائبه من منصبه کانت بسبب إجتماعه مع “لجنة الموت” وإنتقاده لتلك المجزرة ومطالبته بإيقافها کي لا يلعنهم التأريخ ويذکرهم کمجرمين، کما يمکن أيضا التنويه عن قيام السلطات الايرانية بتدمير القبور التي تضم رفات ضحايا المجزرة کما حدث مع تحويل القطعة رقم 42 الى مکان لرکن السيارات!
لکن، بعد کل تلك التي واللتيا، وفي تطور غير مسبوق يمثل نقطة تحول في مسار المساءلة الدولية، تبنت اللجنة الثالثة للجمعية العامة للأمم المتحدة، يوم الأربعاء 19 نوفمبر 2025، قرارا يشير – لأول مرة بشكل صريح – إلى مجزرة صیف عام 1988 التي استهدفت السجناء السياسيين في إيران، ويمثل هذا الاعتراف الاستثنائي أول إقرار رسمي من المجتمع الدولي بواحدة من أطول الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها النظام الايراني.
من دون شك، إن لهذا الاعتراف أهميته التي لا يمکن تجاهلها، إذ أن توقيته يأتي في ظل ظروف وأوضاع غير عادية يمر بها النظام الايراني حيث يواجه ضغوطا وعقوبات وعزلة دولية غير مسبوقة، وحتى إنه يذکر بما جرى لنظام صدام حسين عندما بدأ الترکيز على مجزرة قتل 5000 کردي في حلبجة في 16 مارس 1988، والذي أعقبه فيما بعد ما أدى الى سقوط النظام، والملفت للنظر هنا إن المجزرة بدأ السلطات الايرانية بتنفيذها في شهر يوليو من العام نفسه، کما إن هناك تشابه بين النظامين من حيث کونهما دکتاتوريين ويعولان على القمع أکثر من أي شئ آخر، ومن هنا، يمکن القول بأن هذا الاعتراف الاممي بالمجزرة بمثابة بداية العد التنازلي لمسار قد ينتهي بمثل ذلك الذي إنتهى بنظام صدام حسين مع الاعتراف الدولي بالهجوم الکيمياوي العراقي على حلبجة.








