صراعات في البرلمان الایراني-
موقع المجلس:
تشهد قمة النظام الإيراني تصعيدًا خطيرًا في “حرب الأجنحة” التي تهزّ أركان ولاية الفقيه، بعد أن بلغ الصراع الداخلي حدّ الدعوة العلنية إلى إعدام رئيسٍ سابق ومحاكمة وزيرٍ للخارجية. وفي ظل تراجع قدرة علي خامنئي على السيطرة على مراكز القوة، يتعمّق الانقسام داخل هرم الحكم، كاشفًا عن انهيار منظومة الانضباط التي كانت تحكم مؤسسات النظام منذ عقود.
انفجار الصراع في ظل ضعف خامنئي
في الأيام الأخيرة، شهد المشهد السياسي الإيراني انفجارًا غير مسبوق في صراع القوى بين أجنحة النظام. فبعد التصريحات التي أدلى بها الرئيس السابق حسن روحاني، وانتقاده غير المباشر للمرشد الأعلى، شنّ المقربون من خامنئي حملة عنيفة ضده وصلت إلى حدّ المطالبة بإعدامه.
وقال النائب كامران غضنفري، ممثل طهران في البرلمان، في تصريحات نقلتها وسائل الإعلام الرسمية:
“الشعب ينتظر ليرى هل ستصدر السلطة القضائية حكم الإعدام بحق حسن روحاني؟ وهل سيلفّ حبل المشنقة حول عنقه؟ بعض التهم الموجهة إليه ترقى إلى مستوى الإفساد في الأرض، والعقوبة القانونية لذلك هي الإعدام عدة مرات.”
وأضاف غضنفري بلهجة حادة أن “روحاني تجاوز حدوده، وأصبح يتحدث وكأنه صاحب فضل على النظام، في حين أنه السبب في كثير من مآسيه”.
مطالب بمحاكمة ظريف وتصفية الحسابات داخل البرلمان
لم يتوقف التصعيد عند روحاني، بل امتدّ إلى وزير خارجيته السابق، جواد ظريف، بعد أن دعا المتحدث باسم هيئة رئاسة البرلمان، غودرزي، إلى محاكمته أيضًا. وقال غودرزي إن “تصريحات ظريف الأخيرة تُحدث انقسامًا داخليًا وتخدم العدو”، مضيفًا أن “روحاني يسعى لإثارة الفوضى وزعزعة الوحدة الوطنية عبر تضليل الرأي العام”.
وتابع غودرزي:
“المشاكل التي تواجهها البلاد اليوم هي نتيجة مباشرة للسياسات الخاطئة خلال حكم روحاني، الذي رفع شعار ‘أي اتفاق أفضل من لا اتفاق’، فأوقف عجلة التقدم كما أوقف أجهزة الطرد المركزي.”
هذه التصريحات تكشف حجم الاحتقان داخل مؤسسات النظام، وتؤكد أن الصراع تجاوز المنافسة السياسية ليصبح معركة بقاء بين مراكز النفوذ التي تحاول التنصل من مسؤولية الانهيار العام.
كروبي يكسر الصمت: ضربة رمزية في قلب النظام
في خضم هذه الفوضى، عاد مهدي كروبي، أحد مؤسسي النظام والمقيم تحت الإقامة الجبرية منذ أكثر من عقد، إلى واجهة الأحداث بهجوم مباشر على خامنئي نفسه. ففي لقاء مع أبناء مير حسين موسوي، حمّل كروبي المرشد الأعلى المسؤولية الكاملة عن تدهور البلاد، موجهًا إليه انتقادات غير مسبوقة.
هذه الخطوة، التي كسرت أحد المحرمات السياسية في إيران، تعكس التراجع الكبير في هيبة “الولي الفقيه” وعجزه عن احتواء الانقسامات المتصاعدة داخل النظام.
ملامح الانهيار البنيوي
تتزامن هذه التطورات مع تصاعد الأزمات الاقتصادية والاجتماعية داخل إيران، في وقت لم تعد فيه السلطة المركزية قادرة على فرض الانضباط أو إنتاج حلول. ومع تزايد الهجمات المتبادلة بين رموز النظام — من البرلمان إلى الإعلام الرسمي — يبدو أن “البيت الداخلي” للجمهورية الإسلامية يعيش أخطر مراحله منذ تأسيسها.
إن الدعوة العلنية إلى إعدام رئيس سابق ومحاكمة وزير خارجية سابق ليست سوى انعكاس لانهيار المنظومة السياسية التي كانت تحكم عبر الخوف والانضباط الصارم. اليوم، لم يعد الصراع يُدار من خلف الأبواب المغلقة، بل أمام الجميع، في مشهد يُجسّد حالة “التفكك البنيوي” لنظامٍ فقد تماسكه وشرعيته.








