تفشي سلالة أفريقية من الحمى القلاعية يكشف فساد الواردات وتدهور الأمن الغذائي في إيران
موقع المجلس:
تتوالى الأزمات في إيران من كل جانب، من انتشار أمراض الماشية نتيجة الفساد الإداري والاقتصادي، إلى تصاعد معدلات الفقر وخطط الحكومة لتقليص الدعم المالي. مشهد يعكس أولوية النظام في إحكام قبضته السياسية على حساب رفاهية الشعب واستقراره الاجتماعي.
إن مزيجاً خطيراً من انعدام الأمن الغذائي، وتدهور صحة الثروة الحيوانية، وارتفاع التضخم، إلى جانب خطط تقليص الدعم النقدي لملايين الأسر، يرسم صورة قاتمة لاقتصاد منهك ومجتمع يترنح تحت وطأة الأزمات. في ظل هذه الأوضاع، يبدو أن النظام يفضل حماية مصالح نخبة ضيقة على حساب استقرار البلاد.
تضخم متفجر يهدد حياة الإيرانيين
في اعتراف نادر يكشف حجم التدهور الاقتصادي، أعلن مركز الإحصاء الإيراني أن معدل التضخم السنوي بلغ 48.6% في أكتوبر، وهو رقم يرى الخبراء أنه أدنى من الحقيقة. هذه النسبة المرتفعة ليست مجرد رقم، بل مؤشر على انهيار القدرة الشرائية واتساع رقعة الفقر في البلاد.
أزمة الماشية: الواردات الملوثة تدمر الثروة الحيوانية
في 29 أكتوبر، حذر أحمد مقدسي، رئيس جمعية مربي الماشية، من أن استيراد الحيوانات واللحوم من دون رقابة صحية صارمة أدى إلى دخول سلالة أفريقية جديدة من الحمى القلاعية إلى البلاد. وقد وصل تفشي المرض إلى “قلب إيران” بما في ذلك العاصمة طهران، وفقاً لتصريحاته التي عبّر فيها عن حجم الكارثة قائلاً:
“تعالوا وانظروا ماذا يحدث في القطعان… الحيوانات تنهار.”
وأشار مقدسي إلى أن المرض جاء من دول تفتقر إلى المعايير الصحية، وأن هذه السلالة المتحورة تهدد الأمن الغذائي الوطني، نتيجة سياسات حكومية تفضل الاستيراد على دعم الإنتاج المحلي.
اقتصاد الندرة: التضخم والفقر يطحنان الإيرانيين
تتزامن أزمة الثروة الحيوانية مع موجة تضخم خانقة وتراجع مستمر في مستوى المعيشة. فبحسب الخبير الاقتصادي محمود جامساز، جنت إيران منذ عام 1979 نحو 1.7 تريليون دولار من عائدات النفط، لكنها فشلت في إنشاء بنية تحتية اقتصادية مستدامة.
ويصف جامساز شبكة من رجال الأعمال المقربين من السلطة يسيطرون على قطاعات حيوية مثل الوقود والسكر والعملات الأجنبية، مشيراً إلى أن مصالحهم ترتبط مباشرة ببقاء النظام القائم.
وفي خطوة تزيد الأوضاع سوءاً، يناقش البرلمان والحكومة خطة لخفض الدعم النقدي عن ما بين 15 و27 مليون مواطن، ما سيحرم ملايين الأسر من مصدر دعم حيوي في وقت تجاوز فيه معدل الفقر 36% من السكان.
التضخم كأداة للسيطرة
يرى محللون أن التضخم في إيران لم يعد مجرد نتيجة للأزمات، بل تحول إلى أداة تستخدمها الطبقة الحاكمة لتركيز الثروة والسلطة. فكلما ارتفعت الأسعار، تزداد مكاسب النخبة الاقتصادية المرتبطة بالنظام، بينما يزداد فقر الطبقات الوسطى والدنيا.
السيطرة على الإنترنت… وأولوية الأمن على الاقتصاد
رغم الوعود برفع الحجب عن تطبيقات مثل “تلغرام” و”إنستغرام” و”يوتيوب”، أكّد المركز الوطني للفضاء الإلكتروني في 28 أكتوبر استمرار القيود المفروضة على هذه المنصات. هذه السياسات، بحسب المراقبين، تعرقل النشاط الاقتصادي وتكبت حرية التواصل، لكنها تضمن للنظام بقاء السيطرة على المعلومات وتوجيه الرأي العام.
نظام يحافظ على نفسه لا على شعبه
تشير هذه التطورات المتزامنة إلى نمط ثابت من الحكم يقوم على إدارة الأزمات بدلاً من حلها، حيث تُقدَّم مصلحة النخبة الحاكمة على حساب الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.
النظام الإيراني، في جوهره، لا يسعى إلى معالجة الأسباب العميقة للانهيار، بل إلى البقاء في السلطة مهما كان الثمن — حتى لو كان ذلك على حساب معيشة الملايين.








