صور للفقر المدقع في ایران
میدل ایست اونلاین – منی سالم الجبوري:
المحاولات التي يقوم بها النظام للإيحاء بقوته، والسعي لتأكيد أنه مدعوم من قوى دولية ويقف على أرض صلبة، لا تبدو مقنعة.
الايرانيون يعيشون اوضاعا معيشية واقتصادية صعبةالايرانيون يعيشون اوضاعا معيشية واقتصادية صعبة
الأوضاع السائدة في إيران، وفي خطها العام، وبموجب معظم المؤشرات والمعلومات الواردة، هي أوضاع مقلقة ولا تبعث على الراحة والاطمئنان. ولا سيما أن تزايد حدة الصراعات في الأوساط المختلفة التابعة للنظام، والاختلاف الملفت للانتباه في وجهات النظر والآراء المطروحة، يُظهر بوضوح أن ما يُرى ويُلمس في الظاهر قد يكون القليل مما يخفيه النظام في باطنه.
المحاولات التي يقوم بها النظام للإيحاء بقوته، والسعي لتأكيد أنه مدعوم من قوى دولية ويقف على أرض صلبة، لا تبدو مقنعة أو باعثة على الثقة والاطمئنان، خصوصًا إذا أخذنا في الاعتبار التصريحات غير العادية لوزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف، التي شدد فيها على أن الموقف الروسي من النظام لم يكن بالمستوى المطلوب، وأنه كان يدور في مدار المصالح الخاصة. كما أن آراء ووجهات نظر مختلفة تُطرح من قبل مسؤولين ووسائل إعلام تابعة للنظام، تُشكك في جدية الدعمين الروسي والصيني، وتؤكد أن بين موقفي هاتين الدولتين وما يريده النظام فجوة لا تتفق مع الاستراتيجية التي يدّعيها بهذا الصدد.
تزايد الإعدامات المصحوب بتنامي السخط الشعبي على الأوضاع المختلفة في البلاد، ولا سيما المعيشية والاجتماعية منها، والمتزامن مع فضيحة “بنك باسارغاد” التي جاءت بعد فضيحة “بنك آينده”، من شأنهما الإضرار بالنظام المصرفي ووضعه أمام مخاطر وتطورات سلبية محتملة. يضاف إلى ذلك التصريحات المثيرة التي أدلت بها فائزة رفسنجاني، ابنة الرئيس الإيراني الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني، والتي قالت فيها إن وفاة والدها لم تكن طبيعية بل نتيجة “اغتيال”. وفوق ذلك كله، تتصاعد الخلافات بين الأوساط المختلفة في النظام لتصل إلى حد المطالبة بمحاكمة الرئيسين السابق والحالي، حسن روحاني ومسعود بزشكيان.
ومن الملاحظ أيضًا أن المعارضة الإيرانية الفعالة، المتمثلة في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، هي في أكثر حالاتها نشاطًا وتحركًا ضد النظام في الداخل والخارج، وكل ذلك يدل على أن الحكم في إيران يواجه واقعًا متزلزلًا، وأن الأرض تهتز بشدة تحت قدميه.
الأسوأ من ذلك أن المساعي الرسمية المبذولة لبثّ الأمن والطمأنينة في أوساط الشعب الإيراني، بهدف التخفيف من وقع الأوضاع السيئة التي تؤثر سلبًا في حياة المواطنين، لا يمكنها تبديد الهواجس والشكوك المتزايدة باحتمال تعرض إيران لهجوم أميركي أو إسرائيلي، أو كليهما في آن واحد. وهو احتمال تؤكده تصريحات رسمية، كما عبّر عن ذلك المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي، إضافة إلى تصريحات أخرى صادرة عن شخصيات سياسية وبرلمانية تحذر من احتمال اندلاع احتجاجات قد تتوسع دائرتها وتكون أشد وقعًا على النظام من تلك التي حدثت عام 2022.
وفي ضوء ما طرحناه، فإن الصراع الدائر بين أجنحة وفصائل النظام، الذي يسعى كل طرف فيه إلى كشف عجز وفشل الأطراف الأخرى في ضمان مستقبل الحكم الديني المتشدد في إيران، خصوصًا بعد أن أصبحت الشريحة النسائية ترفض الانصياع لفرض الحجاب قسرًا وتشكل تحديًا متزايدًا للنظام، يثير سؤالًا جوهريًا:
هل يوجد طرف أو جناح داخل النظام قادر على تدارك الأوضاع المتدهورة في إيران، وتغيير مسارها بما يضمن عدم حدوث متغيرات تجعل ليس النظام فحسب، بل نظرية ولاية الفقيه ذاتها، أثرًا بعد عين؟








