موقع المجلس:
شهدت إيران يوم الثلاثاء 28 أكتوبر 2025، استمرارًا لموجة الاحتجاجات الشعبية الواسعة التي امتدت من مراكز الطاقة في عسلوية إلى الأحياء الحضرية في كرمنشاه، تبريز، أراك، والأهواز. في هذا اليوم، اجتمعت أصوات عمال النفط والغاز، والمتقاعدين، والممرضين، والمواطنين المتضررين من الفساد الرسمي، بالإضافة إلى العمال والطلاب، لتشكل صوتًا موحدًا يندد بالظلم الاقتصادي، والفساد المنظم، وإهمال الدولة لحقوق الشعب الأساسية في العيش الكريم والصحة والكرامة.
انتفاضة في شريان الاقتصاد: إضراب شامل في مصافي بارس الجنوبي
كان الفعل الأكثر إثارة هو الإضراب المنظم لعمال المقاولين في أهم شريان اقتصادي لإيران، حيث أقاموا تجمعات احتجاجية داخل مصافي الغاز الأولى والثانية والثالثة والخامسة بمجمع بارس الجنوبي.
رفع العمال خمس مطالب رئيسية تتضمن المساواة في الأجور، وتحسين بيئة العمل، وتوفير وسائل نقل آمنة. وأصدروا تحذيرًا مباشرًا للسلطات بأنهم سيزيدون من حدة الاحتجاجات عبر تجمعات عائلية كبيرة إذا استمر تجاهل مطالبهم، مما يهدد بتعطيل أبرز قطاع اقتصادي في الدولة.
المتقاعدون يغزون الشوارع: من الهموم المعيشية إلى الشعارات الجريئة
في كرمنشاه، لم يقف احتجاج المتقاعدين عند المطالب اليومية بالخدمات الصحية المتآكلة والمعيشة اللائقة، بل تحول إلى منصة سياسية صريحة.
هتف المتظاهرون شعارات تطالب بإطلاق سراح المعلمين المسجونين وإنهاء أحكام الإعدام، مثل «المعلم لا مكانه في السجن» و«إيران خالية من الإعدام!». حظي التجمع بدعم شعبي واسع النطاق، مما يؤكد أن صوتهم يمثل غضبًا جماعيًا. وفي الأهواز، انضم متقاعدو قطاع النفط أيضًا إلى الاحتجاجات مطالبين بتحسين أوضاعهم المعيشية السيئة.
تفكك الخدمات العامة: من المستشفيات إلى مشاريع السكن
أظهر عجز الدولة عن تقديم الخدمات الأساسية في عدة مدن. ففي ياسوج، تظاهر الممرضون احتجاجًا على تأخر رواتبهم لسبعة أشهر متتالية، رغم دورهم الرئيسي في حماية الصحة العامة. أما في تبريز، فقد أقام المواطنون المنتظرون منذ سبع سنوات تسليم منازلهم في مشروع الإسكان الوطني تجمعًا، مرفوعي لافتات تقول «منزل أحلامنا تحول إلى رماد»، مما يعكس كذب الوعود الرسمية. وفي سنندج، احتج الطلاب على سوء جودة الطعام برمي صوانيهم على الأرض في إشارة رمزية قوية.
غضب الشعب ضد الاستيلاء والتلوث البيئي
في مدن متعددة، واجه المواطنون دولة تنهب حقوقهم وتهدد وجودهم. ففي أراك، تظاهر السكان ضد حرق المازوت الملوث في محطات الطاقة، مرددين «أعيدوا هواءنا النقي!»، متهمين المسؤولين بتعريض صحتهم وصحة أطفالهم للخطر من أجل حلول مؤقتة. وفي قرچك، تجمع عمال مصنع «آجر ثبات» احتجاجًا على محاولة الدولة الاستيلاء على أراضيهم التي اشتروها بعرق جبينهم، وصفين ذلك بـ«السرقة القانونية».
كشف الفساد: حالة شركة البتروكيماويات «جم»
بينما كان المتقاعدون يملأون الشوارع، كشفت تقارير عن حجم الفساد الجسيم في شركة «بتروكيماويات جم»، التي تعتمد صناديق التقاعد كأكبر مستثمرين فيها. في الوقت الذي يعاني فيه المتقاعدون الفقر، يتقاضى مسؤولو الشركة رواتب شهرية تصل إلى 130 مليون تومان، بينما تبلغ ديونها من العملات الأجنبية غير المعادة إلى الدولة 465 مليون دولار. هذا المثال يوضح بوضوح كيف تُسرق أموال المتقاعدين والشعب لإثراء النخبة الفاسدة.
الفساد المنهجي وتمويل الإرهاب على حساب الشعب
لا تقتصر احتجاجات اليوم على ردود فعل لأزمات اقتصادية مؤقتة، بل هي تعبير عن رفض جذري لأسس هذا النظام. يعود جذر الغضب إلى الفساد الهيكلي واقتصاد الريع الذي يخدم مصالح الحكام فقط. بينما يطالب المتقاعدون بحقوقهم المغتصبة، ويحتج الخبازون على لقمة العيش، ويصارع المرضى للحصول على الأدوية، يصرف النظام مليارات الدولارات من أموال الإيرانيين على تمويل الإرهاب والميليشيات الطائفية في المنطقة. أرسل الشارع الإيراني اليوم رسالة حاسمة: لم يعد الشعب مستعدًا لدفع ثمن فساد قادته ومغامراتهم الإقليمية من جوعه وكرامته








