موقع المجلس:
تكشف الصحف الحكومية الإيرانية الصادرة يوم الأحد 26 أكتوبر 2025 عن واقع قاتم يعيشه النظام الإيراني، إذ تتفق على إبراز ثلاث أزمات متزامنة تهدد بقاءه: صراع مرير داخل قمة السلطة، وانهيار اقتصادي يترك المواطن عاجزًا عن تأمين لقمة الخبز، ومنظومة صحية باتت خطرًا على حياة الناس بدلًا من حمايتهم. هذه ليست روايات للمعارضة، بل اعترافات تنشرها صحف النظام نفسها، تشير إلى أن الحكم يقف على حافة الانهيار نتيجة تناقضاته الداخلية وغضب الشارع وتآكل الخدمات الأساسية.
استمرار الإدراج على قائمة FATF السوداء يشعل معركة السلطة
قرار مجموعة العمل المالي (FATF) بالإبقاء على إيران ضمن قائمتها السوداء لم يكن مجرد خيبة اقتصادية، بل كان الشرارة التي فجّرت المواجهة بين تيارات الحكم. لم يعد الخلاف محصورًا خلف الأبواب المغلقة، بل خرج علنًا في البرلمان، حيث تتعالى الهتافات ضد حسن روحاني والمطالبة بمحاكمته.
وسائل إعلام مثل منصة “چندثانیه” أصبحت سجلاً يوميًّا لهذا الصدام، بينما يطلق مسؤولون سابقون مثل حسام الدين آشنا تحذيرات مشفرة للحرس الثوري من مغبة كشف ملفات الفساد المتبادل. كما فجرت فضائح مثل “بيع المناصب” في صندوق التقاعد موجة اتهامات تهدد بحرق الجميع.
صحيفة “کیهان” المقرّبة من خامنئي تهاجم ما تسميه “اللوبي الغربي” وتعتبر الالتزام بـFATF خضوعًا لإرادة “الناتو الاقتصادي”. في المقابل، تكشف “شرق” عن بذخ أركان المؤسسة الأمنية، مستشهدة بحفل زفاف ابن شمخاني، وموجهة لهم السؤال الذي يثير الرعب: “من أين لك هذا؟”.
صراع مفتوح… لا منتصر فيه.
أزمة الخبز: الاقتصاد ينهار إلى مستوى الخبز الحجري
في الوقت الذي تتصارع فيه أجنحة الحكم، يواجه المواطن أزمة معيشية خانقة. تصف صحيفة “سیاست روز” حال الإيرانيين بقولها: “الخبز الحجري على موائد الناس”، في دلالة على سوء الجودة وعجز كثيرين عن تحمّل الأسعار.
وتنشر “آرمان امروز” تقديرات بخسارة الاقتصاد الإيراني ما يقارب 50 مليار دولار سنويًا نتيجة استمرار العقوبات وعدم الالتزام بالمعايير المالية. أما “ابتکار” فتقرّ بأن دول الجوار تستفيد من وضع إيران المنهار لتثبت حجم العزلة الإقليمية.
هذا التدهور الحاد يترك أثره على المجتمع نفسيًا، إذ تؤكد “دنیای اقتصاد” تصاعد معدلات القلق والاكتئاب بسبب الفقر والبطالة وانعدام الأفق.
القطاع الصحي… من دائرة العلاج إلى دائرة الموت
الجبهة الثالثة للانهيار هي الصحة العامة. جهات إعلامية تابعة للنظام كشفت فضائح صادمة تتعلق بتردي الخدمات الصحية:
تقارير “جوان” و“سیاست روز” عرضت مشاهد لمطبخ مستشفى “فيروزغر” في طهران، مليء بالصراصير والعفن والدهون المحروقة، في مثال صارخ على الإهمال.
“بهارنیوز” تشير إلى نقص حاد في الكادر التمريضي، لا يغطي سوى نصف الحاجة الأساسية، ما يعرّض حياة المرضى للخطر.
الصحيفة نفسها تُبيّن ارتباط 120 ألف وفاة سنويًا بسوء التغذية.
“سیاست روز” تفضح الفساد في قطاع الدواء وتصفه بأنه واقع تحت “مقصلة ريع العملة”، حيث تتبخر الموارد وتبقى كلفة العلاج على عاتق المواطن الذي يدفع أكثر من 60% من ثمن دوائه.
صورة نهائية لنظام ينهار من الداخل
بما تنشره وسائل إعلامه الرسمية، يبدو النظام كمن يعرض علنًا جثث أزماته: سلطة تتآكل بالصراع، اقتصاد ينهار أمام أعين الناس، وخدمات صحية تُحوِّل المرضى إلى ضحايا. بات واضحًا أن هذه ليست أزمات منفصلة؛ إنها أعراض مرض بنيوي يفتك بجسد الحكم، ويجعل الانفجار الاجتماعي مسألة وقت لا أكثر.








