اشتاک بالایدي داخل البرلمان الایراني-
موقع المجلس:
لم يكن قرار مجموعة العمل المالي (FATF) بإبقاء النظام الإيراني على قائمتها السوداء مجرد صفعة اقتصادية، بل كان الشرارة التي فجرت حربًا شاملة ومفتوحة بين أجنحة النظام المتصارعة. خلال الساعات الماضية، تحولت وسائل الإعلام والبرلمان الإيراني إلى ساحة لمعركة “كسر عظام”، حيث تتطاير الاتهامات بالخيانة والفساد، وتتعالى الأصوات المطالبة بمحاكمة وسجن الرئيس السابق حسن روحاني، في مشهد يكشف عن عمق التصدعات في بنية سلطة تضعف وتتآكل في ظل أزمة وجودية.

تصاعد الصراعات الداخلية في إيران حول التعيينات الوزارية يكشف عن انقسامات عميقة
يستمر الصراع الداخلي على السلطة داخل النظام الإيراني في التصاعد، مما يكشف عن الانقسامات العميقة بين الفصائل المختلفة. في 24 أغسطس/آب، حاول مسعود بزشكيان، الرئيس المعين حديثًا للنظام، مرة أخرى إظهار ولائه للولي الفقیة علي خامنئي من خلال اصطحاب حكومته بأكملها لزيارة قبر خميني، الولي الفقیة السابق
من الفشل الاقتصادي إلى تصفية الحسابات السياسية
بمجرد صدور القرار، سارعت صحيفة “كيهان”، لسان حال خامنئي، إلى شن هجوم كاسح على ما أسمته “التيار الغرباوي”، متهمة إياه بتقديم “وعود كاذبة” للشعب، من الاتفاق النووي إلى لوائح FATF، ومعتبرة أن النتيجة لم تكن سوى استمرار العداء. وفي المقابل، اعتبرت صحف أخرى أن حكومة بيزشكيان تسير على خطى روحاني الفاشلة، وأن وعود المسؤولين بحل المشكلة عبر المصادقة على المعاهدات الدولية لم تكن سوى سراب.
ولكن ما حوّل هذا الجدال إلى حرب مفتوحة كان عودة حسن روحاني إلى المشهد السياسي. في خطاب ناري، وجه روحاني طعنة قاتلة لشرعية النظام الحالية بتساؤله: “ما هو البرلمان؟ كم نسبة الشعب التي يمثلها؟ … عندما يعارض 90% من الناس شيئًا ما، حتى لو أصبح قانونًا، فإنه قانون روحه فاسدة”.
انفجار بركاني في البرلمان
كانت كلمات روحاني بمثابة صب الزيت على النار. انفجر البرلمان في جلسة صاخبة شهدت هتافات غير مسبوقة مثل “الموت لفريدون!” (اسم روحاني الأصلي، في إهانة مقصودة)، و “محاكمة! محاكمة!”. وتحول النواب المتشددون إلى آلة هجوم منظمة، مطالبين ليس فقط بإسكاته، بل بسجنه.
• النائب ثابتي صرخ بأن مكان روحاني الحقيقي ليس في التفكير بمناصب عليا، بل “خلف قضبان السجن”، متهماً إياه بالفساد في قضية انهيار “بنك آينده”.
• النائب رسائي هاجم روحاني شخصيًا قائلاً: “ما نتيجة ضحكاتك السكرى أمام المسؤولين البريطانيين؟”، مطالباً بالتحقيق في ملفات فساده وسرقته العلمية وسرقة سجاد قصر سعد آباد الثمين.
• النائب أبوترابي وجه حديثه لرئيس القضاء قائلاً: “لو كنتم قد حققتم في ملف ازدواجية جنسية روحاني وأكاذيبه، لكان فمه قد أُغلق اليوم”.
قاليباف يدخل المعركة: طعنة من رئيس السلطة التشريعية
لم يقتصر الهجوم على النواب المتطرفين. في خطوة غير مسبوقة وذات دلالة عميقة، دخل رئيس البرلمان، محمد باقر قاليباف، على الخط بنفسه، ووجه انتقادًا مباشرًا وصريحًا لروحاني ووزير خارجيته جواد ظريف. قال قاليباف: “أرى من الضروري أن أعلن انتقادي الصريح لمواقف الرئيس ووزير الخارجية الأسبق، اللذين ألحقا الضرر بمسار تعاوننا الاستراتيجي مع روسيا في هذا التوقيت الحساس”. هذا الهجوم العلني من رئيس سلطة ضد رئيس سابق يكشف أن الصراع تجاوز الخلافات الفصائلية إلى معركة على هوية النظام وتحالفاته الاستراتيجية.
نظام يلتهم نفسه
إن ما يجري في طهران اليوم هو أكثر من مجرد “حرب ذئاب”، إنه عرض حي لآلية التدمير الذاتي لنظام في مراحله الأخيرة. الفشل الاقتصادي الكارثي، المتمثل في قرار FATF وانهيار البنوك، لم يعد من الممكن إخفاؤه، مما دفع الأجنحة المتصارعة إلى البحث عن كبش فداء. وعندما اختار روحاني أن يهاجم شرعية النظام للنجاة بنفسه، كان الرد عنيفًا ووجوديًا. هذه المعركة الشرسة، التي تدور في ظل ضعف واضح لخامنئي، تشير إلى أن القواعد غير المكتوبة التي حكمت الصراع الداخلي لعقود قد انهارت، وأن النظام قد دخل مرحلة التهام نفسه أمام أعين الجميع.








