الملا علی خامنئي-
موقع المجلس:
يمرّ النظام الإيراني في الوقت الراهن بواحدة من أخطر أزماته الداخلية، إذ بات التوتر بين مراكز النفوذ أكثر وضوحًا من أي وقت مضى. الخلافات التي كانت تُدار خلف الستار ظهرت اليوم للعلن، وتحوّلت إلى تبادل مباشر للاتهامات بين رموز الصف الأول المرتبطين بخامنئي ذاته.
كانت الشرارة الأخيرة مقالًا نشره حسين شريعتمداري، رئيس تحرير صحيفة كيهان والممثل الإعلامي لخامنئي، طالب فيه بمحاكمة الرئيس الأسبق حسن روحاني. ورغم أن الصراع بين الطرفين ليس جديدًا، إلا أن التركيز هذه المرة على توصية خامنئي «لا تُظهروا الضعف» يكشف عمق القلق داخل قمة النظام من كشف هشاشته أمام المجتمع الإيراني.

روحاني ردّ باتهام الإعلام الرسمي بالانحياز لفصيل معيّن وبنشر الكراهية والانقسام داخل المجتمع، مما وسّع رقعة التوتر. وأتى الرد من معسكر خامنئي سريعًا أيضًا؛ حيث كشف وليالله سيف، الرئيس السابق للبنك المركزي، عن مسؤولية روحاني في إضعاف الاحتياطي الوطني من الذهب وتوريط إيران في أزمة مالية عميقة. كما خرج علي شمخاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي سابقًا، ليكذّب ما قاله روحاني بشأن حادثة إسقاط الطائرة الأوكرانية، مؤكدًا أن الأخير كان على علم بالحقيقة منذ الساعات الأولى.
وما لبث أن عاد أنصار روحاني إلى الهجوم، كاشفين ما وصفوه بـ«ثروات شمخاني الطائلة» وأسلوب حياته المترف. عندها أطلق شمخاني تحذيرًا لافتًا:
«نحن جميعًا على متن سفينة واحدة… وإذا أصابها ثقب، سيغرق الجميع.»
هذه العبارة تعكس بوضوح حجم الخطر الذي يشعر به النظام من الداخل: أي انشقاق قد يتحول إلى تهديد وجودي.
فما نشهده اليوم ليس مجرد خلاف سياسي، بل علامة على الانهيار الأخلاقي وتفكك شبكة الولاءات التي شكّلت لعقود درع حماية للنظام. وبينما تتوسع موجات الاحتجاج الشعبي وتخيّم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية على حياة الإيرانيين، يتكرّس واقع جديد مفاده أن “معسكر الولي الفقيه” لم يعد متماسكًا كما كان.
إنّ المشهد الراهن يؤكد حقيقة واحدة:
خامنئي نفسه أصبح عنوانًا للارتباك بدل أن يكون مصدرًا للتماسك.
وفي ظل هذا الصراع الصاعد داخل مراكز القرار، يبدو النظام الإيراني أمام خيارين أحلاهما مُرّ:
إما القمع والبطش لمواجهة الانهيار، وإما التفكك الداخلي الذي قد يسبق رياح التغيير القادمة من الشارع الغاضب.








