موقع المجلس:
يشهد قطاع الرعاية الصحية في إيران أزمة متصاعدة، إذ يعزف آلاف الممرضين عن العودة إلى وظائفهم أو يختارون الهجرة بحثًا عن ظروف عمل أفضل، في ظل تدني الأجور وضغط العمل الشديد وتفاقم الشعور بعدم المساواة.
أوضح محمد شريفي مقدم، الأمين العام لـ بيت الممرضين الإيراني، في حديثه لصحيفة هم ميهن بتاريخ 18 أكتوبر، أن ما بين 60 إلى 70 ألف ممرض وممرضة عاطلون عن العمل، رغم حاجتهم الاقتصادية، لكنهم يرفضون العودة إلى وظائفهم بسبب الأجور المتدنية وظروف العمل المنهكة.
وقال شريفي مقدم: “الراتب الذي يقل عن 20 مليون تومان لا يكفي لتغطية مصاريف أساسية كالحضانة، خاصة للأمهات العاملات، ولذلك تفضّل كثيرات البقاء في المنزل لأنه أقل تكلفة من الناحية المادية والعاطفية”.
وانتقد شريفي مقدم مسؤولي القطاع الصحي لابتعادهم عن واقع العاملين الميدانيين، مؤكّدًا أنهم عاجزون عن إدراك صعوبة المعيشة برواتب محدودة في حين يتقاضون هم مئات الملايين. وأشار إلى أن كثيرًا من الممرضين اضطروا لترك المستشفيات والانتقال إلى وظائف في مجالات أخرى، منها التأمين أو بيع المعدات الطبية، فيما لجأ بعضهم إلى أعمال مختلفة تمامًا مثل قيادة سيارات الأجرة أو العمل في صالونات التجميل.
من جانبها، قالت منصورة خاوري، رئيسة قسم التمريض في مستشفى مهدية، في اليوم نفسه إن دخل الممرضين لا يتناسب إطلاقًا مع الجهد والمسؤولية الملقاة على عاتقهم، مما جعل خريجي التمريض يعزفون عن الانضمام إلى المهنة. وأضافت: “لو كانت الأجور وساعات العمل وظروف المهنة منصفة، لوجدنا المزيد من الخريجين مستعدين للعمل في المستشفيات”.
وبيّنت أن الإقبال على امتحانات التوظيف في مجال التمريض تراجع إلى حدّ بات فيه عدد المتقدمين أقل من الحصص التي تخصصها الجامعات الطبية.
أزمة متجذّرة تهدد النظام الصحي الإيراني
تشير التقديرات إلى أن النظام الصحي الإيراني يفتقر إلى نحو 100 ألف ممرض وممرضة، ما ينذر بأزمة عميقة قد تنعكس سلبًا على الصحة العامة. ويعزو مختصون هذه الأزمة إلى سوء الإدارة، وضعف الحوافز، واستمرار موجة الهجرة نحو الخارج.
وقال الممرض كريم عابديني من قسم العلاج الكيميائي في طهران لصحيفة هم ميهن إن بعض الأقسام تشهد ضغطًا هائلًا، إذ “يتولى ممرضَان ومساعد واحد رعاية ثلاثين مريضًا في آن واحد”.
ورغم أن المعايير الدولية توصي بوجود ما لا يقل عن ثلاثة ممرضين لكل ألف مواطن أو اثنين لكل سرير في المستشفى، إلا أن النسبة في إيران لا تتجاوز 1.1، وتنخفض في بعض المحافظات إلى 0.8 فقط.
وفي سبتمبر الماضي، صرّح عباس عبادي، مساعد وزير الصحة لشؤون التمريض، أن 570 ممرضًا غادروا البلاد خلال عام 2025 وحده، مؤكّدًا أن إيران بحاجة ماسة إلى أكثر من 100 ألف ممرض إضافي لسد العجز القائم.
لكن شريفي مقدم شكك في هذه الأرقام، مشيرًا إلى أن “العديد من الممرضين يغادرون البلاد دون استصدار تصاريح رسمية للهجرة”، ما يعني أن العدد الحقيقي للمهاجرين أعلى بكثير.
وتكشف هذه المؤشرات عن انهيار أوسع في معنويات الكوادر الصحية داخل إيران، نتيجة سنوات من التضخم، وسوء الإدارة، وتفاقم الفجوات الاقتصادية، الأمر الذي دفع شريحة كبيرة من العاملين في القطاع العام إلى حافة الإرهاق واليأس.








