موقع المجلس:
حين يصبح الموت أداة للحكم، يتحوّل أي عمل ضده إلى فعل مقاوم. في سجن قزل حصار، حيث تحمل الجدران أسماء وأرقام الذين نفِّذ في حقهم حكم الإعدام، يخوض الآن حوالي 1500 سجين محكوم بالإعدام إضرابًا عن الطعام — أجسادهم منهكة لكن عزمهم متين، وصرختهم واضحة: «لا للإعدام».
هذه الخطوة ليست مجرد احتجاج إنساني على حكم ظالم، بل تمثل تحدّياً جوهرياً للاستراتيجية السياسية التي يعتمدها النظام للبقاء: سياسة «الإعدام حفاظًا على الاستقرار» — أي بناء حاجز رعب لردع الانتفاضة الشعبية.
«نحن أبناء هذه الأرض — انهضوا لمساندتنا!»
انطلق إضراب سجناء قزل حصار يومي 13 و14 تشرين الأول/أكتوبر 2025 من الوحدة الثانية وسرعان ما انتشر إلى عنابر أخرى. ومن وراء الجدران تسلّلت رسائل تحمل صوت هذه المجموعة الصامتة إلى المجتمع: «نحن أبناء هذه الأرض — انهضوا لمساندتنا!». بدلاً من الانخراط في حوار، ردت السلطة بالتهديد: إغلاق مطبخ السجن وترك المضربين يواجهون الجوع. هذا التكتيك يوضّح عقلية السلطة القائمة على الإجحاف والإقصاء بدل الاستجابة. لكن التهديدات هذه عزّزت الوعي الجماعي بأن الموت لا يكتمل إلا حين تتوقف الحياة عن المقاومة.
تضامن العائلات وتواصل السجون
تجمعت عائلات المضربين أمام سجن قزل حصار حاملين صور أحبائهم ومرددين شعارات مثل «لا لتنفيذ الإعدام» و«إلغاء فوري لأحكام الإعدام» — تعبير جماعي عن المطالبة بالحق في الحياة. أعاد هذا التجمع وصل العلاقة بين داخل السجن وخارجه، العلاقة التي تسعى السلطة لعزلها. وفي اليوم نفسه، أصدر سجناء سياسيون في العنبر 7 بسجن إيفين بيان تأييد للمضربين، واعتبروا الإعدام حكماً «جائراً وغير إنساني». هذا التضامن بين السجون رسم صورة مقاومة مترابطة تتجاوز الجدران وتولد إمكانية جماعية جديدة.
المقاومة ضد أداة سياسية للقمع
الارتفاع غير المسبوق في عمليات الإعدام خلال العام الماضي — بما يزيد عن 1500 حالة — يُظهر أن الإعدام لم يعد مجرّد عقوبة بل أداة سياسية لفرض السيطرة. إضراب قزل حصار يقلب هذه المعادلة: في مكان اعتاد على موتٍ مُعوَّم، يصبح الامتناع عن الطعام طريقة لإعادة تعريف الحياة الفاعلة والمقاومة؛ جسد السجين يقول «ما زلنا نقرّر» رغم سلب الحقوق الأساسية.
على مستوى رمزي، يجب اعتبار إضراب قزل حصار تجسيداً لروح الاعتراض داخل السجون. أولئك الذين شاهدوا زملاءهم يُقتادون إلى المشنقة جعلوا من أجسادهم آخر حصون المقاومة. عباراتهم مثل «نُقتل يومياً» أو «الغد قد يكون متأخراً جداً» تُظهر أن وعيهم السياسي امتد من الأفراد إلى مستوى جماعي، وحوّلوا الموت من مصير محتوم إلى وسيلة احتجاجية — ما يستحق أن يُسَمّى «انتفاضة في عمق الموت ضد الموت».
لحظة تاريخية وفرصة للانتفاضة
من هذا المنظور، يمثّل إضراب قزل حصار لحظة تاريخية تُهشّم سطوة السلطة وتمنح السجين معنى جديداً للحرية. الإضراب موجه ليس فقط ضد حكم قضائي أو سجن بعينه، بل ضد جهاز بأكمله يحوّل الموت إلى سياسة يومية.
حذّرت السیدة مريم رجوي من الخطر الذي يهدد حياة 1500 سجين محكوم بالإعدام ودعت إلى تحرّك فوري من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي لوقف الكارثة. كما أن دعم «وحدات المقاومة» عبر تنفيذ عمليات في المدن الإيرانية يؤكد على أن ردّ الفعل ضد كل إعدام يجب أن يكون بلهيب الانتفاضة. إذا اراد النظام إغلاق طريق الانتفاضة عبر الإعدام، فإن مقاومة المعتقلين تفتح نافذة للحرية — وقد تتحوّل هذه اللحظة التاريخية إلى فرصة لانتفاضة تطيح بالمنظومة القائمة.








