موقع المجلس:
بعد ما کشفت فضیحة فقاعات السراب: بين ابن الشاه و خامنئي و بينما تتكشف فضيحة “الدعم الرقمي المصطنع” الذي روّج لابن الشاه المخلوع، وتنهار أمام الجميع أرقام المتابعين والزيارات الوهمية التي صُنعت عبر الذكاء الاصطناعي والحسابات المزيفة، يعود رضا بهلوي، نجل الديكتاتور السابق، لنفخ فقاعة جديدة. فبعد افتضاح عملية التزييف الواسعة التي هدفت لتلميع صورته، أطلق موقعاً إلكترونياً جديداً تحت شعار مسروق “سنستعيد إيران”، مدعياً أنه منصة لتعبئة وتنظيم القوى.
ولم يقدّم أي تفسير لمصير مشاريعه السابقة التي تهاوت واحداً تلو الآخر، من “مشروع جورج تاون” إلى “ققنوس” و”مؤتمر ميونيخ”. وتستحضر هذه المحاولات الفاشلة قول الشاعر صائب تبريزي: “الدنيا فقاعة، ولكن أي فقاعة؟ ليست على سطح الماء بل على وجه السراب، وسراب يُرى كما لو في حلم سكران ضائع.”
وفي خضم هذه الأوهام، ادّعى بهلوي خلال مقابلة مرتبة مسبقاً في مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، أن موقعه الجديد جذب أكثر من مليون ونصف المليون زائر خلال 24 ساعة، وأن 60 ألفاً من “عملاء النظام” انضموا إليه. غير أن ناشطي مواقع التواصل الاجتماعي سرعان ما فضحوا هذا الادعاء، عبر بيانات تقنية بيّنت كيف يمكن لأي شخص أن يصوّت له مئات المرات.
تزامنت هذه الأكاذيب الرقمية مع سلسلة فضائح طالت دائرته المقربة، كاشفةً عن الطبيعة الحقيقية لهذا التيار. فقد اعتُقل مؤخراً أحد المقرّبين منه، “قانعي فر”، بتهمة الارتباط بالحرس الثوري الإيراني، كما أُلقي القبض على “كامبيز كارانديش” من محيطه بتهمة تهريب كميات ضخمة من الكوكايين بلغت قيمتها 23 مليون دولار. وفي فلوريدا، بدأت محاكمة “برويز ثابتي”، أحد كبار المسؤولين في جهاز السافاك الدموي، ما يعيد إلى الواجهة إرث القمع والفساد المتجذر في هذا التيار الممتد من “السافاك” إلى “الحرس الثوري”.
إن ما يعيشه الإيرانيون اليوم ليس سوى مسرحية قذرة بين بقايا “السافاك” وأذرع “الحرس”، تتخذ من ابن الشاه محوراً لها. ففي انتفاضة عام 2022، لعبت هذه المجموعات دوراً تخريبياً، إذ بثّت الفرقة بين المتظاهرين، وسعت إلى تشويه الحراك الشعبي، ليصبّ كل ذلك في مصلحة بقاء نظام الملالي. والغاية من هذه اللعبة هي خلق بديل زائف للشعب الإيراني، وإبعاد الأنظار عن الثورة الديمقراطية الأصيلة التي يرفع أصحابها شعاراً واضحاً: “لا للشاه، لا للملالي”.
إن الدعاية لإحياء حكم الشاه تقوم على تزوير التاريخ وتزييف الوعي. فأنصار النظام البهلوي يصفون رضا شاه بأنه “أبو إيران الحديثة”، بينما الحقيقة أنه كان “مؤسس القمع الحديث” فيها. فقد أنشأ جهازاً بوليسياً قمعياً مارس التعذيب والقتل ضد المعارضين، وأقام منظومة من السجون والرعب امتد أثرها لعقود. هناك خيط واحد يربط قرناً كاملاً من الطغيان: من سجن “قصر” في عهد رضا شاه إلى “إيفين”، ومن جلادي “سرباس مختاري” إلى “ثابتي” و”لاجوردي”، ومن شرطة الشاه إلى جهاز “السافاك”، وصولاً إلى وزارة استخبارات خميني وخامنئي. إنها آلة القمع ذاتها، تتبدّل الوجوه فقط.
إن محاولة إحياء ذلك الماضي المظلم ليست سوى وهم جديد وخيانة لنضال الشعب الإيراني وتضحياته في سبيل الحرية والاستقلال.








