الإضرابات والاحتجاجات الواسعة تكشف عمق أزمة النظام وتفاقم الغضب المجتمعي
موقع المجلس:
شهد شهر سبتمبر 2025 انفجاراً واسعاً في الاحتجاجات والإضرابات في مختلف أنحاء إيران، معبّراً عن تصاعد الغضب الشعبي في مواجهة الأزمة السياسية والاقتصادية الخانقة التي تعصف بالبلاد.
فبعد مرور أكثر من عام على تولي مسعود بزشكيان الرئاسة، بات واضحاً أن حكومته، الخاضعة لسلطة الولي الفقيه علي خامنئي، عاجزة عن إيجاد حلول للأزمة البنيوية التي تخنق النظام وتدفع البلاد نحو مزيد من التدهور.
اقتصاد منهار واحتقان اجتماعي
أدت الحرب التي استمرت 12 يوماً مطلع الشهر إلى تفاقم حالة الركود الاقتصادي، إذ تلقى الاقتصاد الإيراني الهش ضربة جديدة عمّقت أزماته المالية.
وفي الوقت نفسه، أدت إعادة تفعيل آلية الزناد لإحياء عقوبات الأمم المتحدة إلى تصاعد التضخم، وارتفاع معدلات البطالة، وتزايد نقص السلع الأساسية، لتتحول الشوارع الإيرانية إلى بؤر متفجرة للاحتجاجات الشعبية.
أكثر من 267 حركة احتجاجية في شهر واحد
وفقاً للإحصاءات، شهد سبتمبر ما لا يقل عن 267 حركة احتجاجية امتدت عبر مختلف الطبقات الاجتماعية والقطاعات المهنية، ما يعكس اتساع نطاق السخط الشعبي في جميع أنحاء البلاد.
وجاءت تفاصيل الاحتجاجات على النحو التالي:
العمال: 120 احتجاجاً
المتقاعدون: 68 احتجاجاً
الطلاب: 7 احتجاجات
الأطباء: 5 احتجاجات
سائقو الشاحنات: 4 احتجاجات
المعلمون: 3 احتجاجات
المزارعون: 3 احتجاجات
الممرضون: 3 احتجاجات
الخبازون: 3 احتجاجات
سائقو سيارات الأجرة: 3 احتجاجات
التجار: احتجاجان
المهندسون: احتجاج واحد
فئات أخرى: 45 احتجاجاً
العمال في طليعة الحراك
قاد العمال موجة الاحتجاجات، لا سيما في قطاعات النفط والغاز والبتروكيماويات.
فمن المنصات البحرية في الخليج إلى مصافي بارس الجنوبي ومصانع الأهواز، أطلق العمال إضرابات واسعة احتجاجاً على الأجور المتأخرة، والعقود المؤقتة، وتدهور ظروف العمل.
كما انضم إليهم عمال الصلب والألمنيوم والصناعات التحويلية، ما عكس عمق الأزمة الإنتاجية وعجز النظام عن إدارة موارده البشرية.
نظم المتقاعدون من قطاعات الضمان الاجتماعي والاتصالات والتعليم عشرات الاعتصامات للمطالبة بمعاشات تكفل الحد الأدنى من المعيشة، وسط تضخم تجاوز حدود الاحتمال.
ورفع المحتجون شعارات تندد بتجميد المستحقات وغياب التأمين الصحي الكافي، في مشهد يجسد اتساع الفجوة بين الدخل الحقيقي وتكاليف الحياة اليومية.
الجامعات تنتفض ضد القمع
لم يكن الطلاب بمنأى عن موجة الغضب، إذ شهدت جامعات طهران وسمنان والأهواز مظاهرات احتجاجاً على ارتفاع تكاليف السكن والطعام والقيود المفروضة على الحريات الأكاديمية.
وكشفت هذه التحركات عن تنامي الوعي السياسي لدى الشباب وتصاعد الرفض لسياسات التضييق التي تهدف إلى إسكات الأصوات المعارضة داخل الحرم الجامعي.
الكوادر الطبية والتعليمية تدخل على الخط
في المدن الكبرى مثل طهران وشيراز وساري، خرج الأطباء والمقيمون الطبيون في احتجاجات على تأخر الرواتب وضعف الأجور.
وفي المقابل، نظّم المعلمون ومدرسو محو الأمية وقفات للمطالبة بالأمن الوظيفي وتحسين الأجور، بينما انضم الممرضون في رفسنجان وتبريز إلى الحراك للتنديد بسوء ظروف العمل ونقص المعدات الطبية.
مشهد يعكس عمق الأزمة
تُظهر هذه التحركات أن الأزمة في إيران لم تعد اقتصادية فحسب، بل تحولت إلى أزمة شرعية شاملة تمسّ كل فئات المجتمع.
ومع اتساع رقعة الغضب الشعبي وغياب أي مؤشرات على الإصلاح أو الانفراج، يبدو أن سبتمبر 2025 قد شكّل منعطفاً جديداً في مسار الاحتجاجات الإيرانية، ومؤشراً على تصاعد الغليان الاجتماعي في مواجهة نظام فقد قدرته على الاستجابة لأبسط المطالب الشعبية.