ایلاف – محمود حكميان:
لا يزال النظام الإيراني يصر على الرفض بالاعتراف بالتغيير الذي حصل في سوريا وسقوط نظام الدكتاتور الهارب بشار الأسد، والملفت للنظر هنا أنه لا يكتفي برفض تلك الحقيقة التي اعترف بها العالم كله، بل وحتى أنه يسعى للوقوف ضد هذا التغيير والعمل من أجل إعادة الدكتاتورية المقيتة إلى سوريا.
سقوط نظام الدكتاتور الأسد الذي كان حليفًا أساسيًا للنظام الإيراني، كانت من أكبر الهزائم العسكرية والسياسية التي تعرض لها، ولأنها كانت أكبر صدمة تعرض لها، فإنه، وكما يبدو، لم يتمكن من الصحو منها، ولذلك يحاول بشتى الطرق أن يعيد الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل ذلك. وبهذا السياق، وفي خطبة الجمعة بطهران بتاريخ 29 آب (أغسطس) 2025، أطلق إمام جمعة خامنئي حاجي علي أكبري تهديدًا مباشرًا للحكومة السورية الجديدة، معلنًا أنها ستسقط، قائلًا: “إن شاء الله، قوات المقاومة وشباب سوريا سيأتون في المستقبل القريب أو البعيد بعون الله تعالى، وسيحررون سوريا أيضًا”. ومن دون أدنى شك، فإن ما يسميه (قوات المقاومة وشباب سوريا) هم ليسوا إلا من بقايا النظام السابق ومن عملاء النظام الإيراني الذين يعملون جنبًا إلى جنب مع تلك البقايا في سبيل تغيير الأوضاع الجديدة في سوريا.
والأَنكى من ذلك، أن هذا المعمم الذي يمثل الولي الفقيه لم يكتف كما يبدو بإعلان حرص نظامه على إعادة القديم إلى قدمه في سوريا، بل إنه أشاد بالميليشيات التابعة للنظام في المنطقة، ملوحًا بذلك إلى إصرار النظام على فرض نفوذه وهيمنته على المنطقة، قائلًا: “لدينا في المنطقة جبهة المقاومة ووحدة الساحات، من اليمن القوي والشجاع إلى حزب الله البطل، إلى حماس والجهاد، وصولًا إلى الحشد الشعبي المجاهد، وجميعهم توحدوا حول هذا الهدف”. وأضاف أن خامنئي أوصى بتعزيز وحدة هذه الميليشيات، مؤكدًا: “علينا أن نحافظ على هذا الاتحاد المقدس”.
ومن الواضح جدًا أن ما جاء في هذه الخطبة مضافًا إلى العديد من المواقف والتصريحات الأخرى الصادرة من قبل النظام بخصوص سوريا والمنطقة، يؤكد وبكل وضوح أن النظام الإيراني لن يتخلى عن التدخلات الخارجية حتى آخر لحظة من بقائه، إذ يعتمد على إشعال الحروب في المنطقة كوسيلة أساسية لبقاء حكمه في الداخل. وإذا عجز عن التدخل الخارجي، فسيواجه تصاعد مقاومة الشعب الإيراني في الداخل، ما يفتح الطريق أمام سقوطه على يد الشعب ومقاومته المنظمة.
ولو تمعنّا في مواقف النظام هذه وإصراره على استمرار تدخلاته في المنطقة من خلال فرض وكلائه وجعلهم كأمر واقع على بلدان المنطقة، فإن ذلك يؤكد بأن مستقبل المنطقة مع بقاء هذا النظام واستمرار مشروعه المشبوه، فإن المنطقة لن تنعم بالأمن والاستقرار وستبقى عرضة لمواجهة المزيد من الحروب والأزمات التي يثيرها هذا النظام، بما يؤكد أن المنطقة لن تهدأ أبدًا إلا بتغيير هذا النظام، والذي لا يوجد هناك من خيار لتغييره سوى بالاعتماد على دعم النضال المشروع الذي يخوضه الشعب الإيراني ومعارضته الوطنية المعبرة عنه المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية من أجل الحرية وإسقاط النظام.
المقاومة الإيرانية، التي في صراع مستمر مع هذا النظام الديني المستبد لأكثر من أربعة عقود، أكدت وكررت دائمًا أن نظام ولاية الفقيه بُني على أسس قمعية، ولا صلة له إطلاقًا بالحرية والديمقراطية. ففي الداخل، يقوم بإعدام وقمع الشعب، وللتغطية على عجزه في إدارة البلاد، يصدر أزماته إلى خارج حدوده.
غالبية الشعب الإيراني يعارضون النظام الحاكم، وقد احتجوا في مظاهرات وتجمعات على مدى سنوات طويلة وطالبوا بتغييره. وقد أعد الممثلون الحقيقيون للشعب الإيراني مظاهرة وتجمعًا كبيرًا في يوم 6 أيلول (سبتمبر) في بروكسل. كما أعلنت شخصيات عديدة من مختلف دول العالم دعمها لهذه المظاهرة، وعبرت من خلال رسائلها عن مساندتها لمطلب الشعب الإيراني بتغيير وإسقاط هذا النظام المستبد. ستصدح في هذه المظاهرة شعارات: “لا لأي نوع من أنواع الدكتاتورية، سواء كانت ملكية أم دينية، ونعم للجمهورية الديمقراطية”. ويدعو منظمو هذه المظاهرة الأحرار إلى أوسع مشاركة ممكنة في هذا الحدث.
وتُقام هذه المظاهرة والتجمع من قبل المقاومة الإيرانية بمناسبة الذكرى الستين لتأسيس منظمة مجاهدي خلق الإيرانية.
ونظرًا للقمع والخنق الشديد في إيران، فإنَّ كل صوت يرتفع خارج البلاد ضد النظام الديني المستبد، هو صدى لمئات الآلاف من الإيرانيين الذين يخضعون للقمع داخل البلاد.








