موقع المجلس:
في أعماق صحراء إيران الجافة، شهدت بلوشستان جريمة وحشية جديدة تكشف أسلوب تعامل نظام ولاية الفقيه مع المواطنين البلوش. ففي 25 يوليو 2025، قُتل أحد عشر فردًا من عائلة بلوشية واحدة تنتمي إلى عشيرة “قنبرزهي”، وذلك خلال هجوم بري وجوي شنّته قوات أمنية وعسكرية جاءت من ثلاث محافظات مختلفة. الضحايا، الذين لم يكونوا سوى عمال فقراء يعيلون أسرهم عبر تجارة الوقود، صُوِّروا في الرواية الرسمية على أنهم “مهربو مخدرات ومسلحون”، في محاولة لتغطية الجريمة.
رواية رسمية متناقضة
سارعت وسائل الإعلام الحكومية إلى وصف العملية بأنها “نجاح أمني” ضد شبكة تهريب، فيما أعلن نائب قائد شرطة أصفهان، محمد رضا هاشمي فر، عن ضبط أربعة أطنان من المخدرات وأسلحة ثقيلة بينها رشاشات وقذائف. لكن هذه القصة تفتقر إلى المنطق: فلو كان الهدف تفكيك شبكة كبيرة، لماذا جرى قتل جميع المتهمين بدلًا من اعتقالهم؟ وأين الأدلة الموثوقة على وجود هذه الكميات المزعومة؟ لم يُقدَّم سوى صور ومقاطع غامضة لا تثبت شيئًا.
الواقع: كمين وإعدام ميداني
مصادر قريبة من العائلات تقدّم رواية مغايرة، مدعومة بشواهد ميدانية. الضحايا وقعوا في كمين، ثم جرى تصفيتهم عمدًا. بعضهم، مثل جواد قنبرزهي، أُطلق عليه النار من الخلف في الرأس، ما يدل على إعدام بعد الاعتقال. إحدى سياراتهم سُوِّيت بالأرض عبر غارة جوية، بينما طورد ركاب السيارة الأخرى وقُتلوا واحدًا تلو الآخر. اللافت أن السلطات عرضت رشاشًا “سليمًا تمامًا” قيل إنه كان مثبتًا على سيارة احترقت بالكامل، في مشهد يوحي بتلفيق الأدلة.
التنكيل بعد القتل
لم يقف الأمر عند حدود المجزرة، بل تجاوزها إلى التنكيل بالجثث. فقد رفضت السلطات تسليمها للعائلات طيلة 18 يومًا، ما أدى إلى انهيار إحدى الأمهات وإصابتها بسكتة دماغية من شدة الصدمة. وعندما سُلِّمت الجثامين أخيرًا، كانت بحالة بشعة: بعضها متفحم، وبعضها مقطوع الرأس أو مشوه الوجه والأطراف، على عكس الصور الرسمية التي أظهرتها سليمة. وقد دفنوا في مقابر جماعية متجاورة، في مشهد مؤلم يُجسّد حجم المأساة.
جزء من سياسة قمعية مستمرة
تؤكد أسر الضحايا أن أبناءها لم يكونوا مجرمين بل عمالًا بسطاء يغامرون بحياتهم في نقل الوقود بسبب البطالة والفقر الشديد. وما جرى ليس حادثًا عابرًا، بل امتداد لنهج قديم يتبعه النظام ضد البلوش، حيث يُستخدم شعار “مكافحة التهريب” كغطاء لتصفية الفقراء والمهمشين.
إن ما حدث يكشف بوضوح المظلومية التي يعيشها الشعب البلوشي في إيران، ويطرح مسؤولية على المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية للتدخل، والضغط من أجل فتح تحقيق نزيه وشفاف، يضمن محاسبة المتورطين في هذه الجريمة ومن يقف وراءهم.