موقع المجلس:
واقع مقلق لقطاع الصحة والدواء في البلاد، کشف عنه تقریر حدیث عن مرکز ابحاث البرلمان الایراني. حيث أدت سياسات النظام الإيراني، التي تهدف ظاهريًا إلى حماية الفئات الضعيفة، إلى نتائج عكسية تمامًا. فقد ارتفعت مساهمة المرضى في تكاليف العلاج إلى 70%، في حين تسيطر 55 شركة شبه حكومية على أكثر من 83% من سوق مبيعات الأدوية، مما يخلق احتكارًا يضعف المنافسة والشفافية.
احتكار شبه حكومي للسوق
على الرغم من أن إيران تنتج محليًا حوالي 97% من أدويتها المستهلكة، إلا أن هذا الإنتاج يخضع لسيطرة شبه كاملة من قبل كيانات تابعة للنظام. ويُظهر التقرير أن ست مؤسسات كبرى، أبرزها منظمة الضمان الاجتماعي، و”لجنة تنفيذ لأمر خمیني” وبنك ملي، تهيمن على حصة الأسد في السوق.
تسيطر منظمة الضمان الاجتماعي وحدها على 17% من سوق الدواء، بينما تستحوذ “لجنة تنفيذ لأمر خمیني ” على 7%، وبنك ملي على 5%. وفي المقابل، لا تتجاوز حصة القطاع الخاص الحقيقي، خارج الهيمنة الحكومية، نسبة ضئيلة، مما يؤكد غياب المنافسة العادلة. ومما يزيد الأمر تعقيدًا أن من بين 296 شركة أدوية عاملة في البلاد، 42 شركة فقط مدرجة في البورصة وتعمل بشفافية نسبية.
تداعيات كارثية على المواطنين
كان من المفترض أن تخفض خطط التنمية حصة المواطن من تكاليف العلاج إلى 30%، وهو هدف لم يتحقق أبدًا. بل على العكس، وصلت النسبة الآن إلى 70%، وهو ما يتجاوز بكثير المتوسط العالمي البالغ 18% فقط، بحسب البنك الدولي. وأكدت فاطمة محمد بيغي، أمينة لجنة الصحة بالبرلمان، أن الكثير من المواطنين باتوا يعجزون عن شراء أدويتهم من الصيدليات بسبب الغلاء الفاحش، ويعودون إلى منازلهم خاليي الوفاض.
وتتجلى إحدى أبرز عواقب هذه الأزمة في قطاع صحة الفم والأسنان، حيث تضاعف معدل تسوس الأسنان ثلاث مرات خلال العقدين الماضيين. وتشير الإحصاءات إلى أن كل طفل إيراني في السادسة من عمره لديه ما متوسطه خمسة أسنان مسوسة، بينما يفقد الأشخاص في الفئة العمرية 30-40 عامًا ما معدله 12 سنًا، وأكثر من نصف كبار السن فوق 65 عامًا فقدوا جميع أسنانهم بالكامل.
أسباب الأزمة: ديون الحكومة وأزمة السيولة
تعود جذور هذه المشكلة إلى الديون الحكومية الهائلة المتراكمة لشركات الأدوية والمستشفيات والصيدليات. بالتسعير القسري الذي تفرضه الحكومة على الأدوية ألحق خسائر فادحة بالمنتجين، ومع عجز الحكومة عن سداد الدعم، انخفض الإنتاج وظهرت أزمات نقص الأدوية بشكل متكرر.
هذه الأزمة المالية دفعت المستشفيات الحكومية إلى حافة الانهيار، حيث تعاني من نقص السيولة اللازمة لتحديث أجهزتها ودفع رواتب كوادرها الطبية، مما أدى إلى تفاقم هجرة الأطباء والممرضين. وفي الوقت نفسه، يعاني حوالي 13.5 مليون إيراني من عدم امتلاك أي تأمين صحي، وقد سقط 2.4 مليون شخص تحت خط الفقر بسبب التكاليف العلاجية الباهظة، مما يرسم صورة قاتمة لمستقبل الصحة في إيران.