الملا علی خامنئي
موقع المجلس:
خرج علي خامنئي، في محاولة يائسة لتجميل صورة نظامه المتهالك، ليرسم لوحة وردية عن وضع البلاد، متجاهلاً بركان الغضب الشعبي الذي يوشك على الانفجار. و یاتي هذا في الوقت الذي تغلي فيه مدن إيران بموجة عارمة من الاحتجاجات اليومية تشمل الخبازين الذين قوبلت مطالبهم بالقمع والغاز المسيل للدموع، وسائقي الشاحنات الذين أصاب إضرابهم شرايين النقل بالشلل، والمتقاعدين المطالبين بحقوقهم، وفي ظل أزمات خانقة في المياه والكهرباء تزيد من بؤس المواطنين.
مسرحية “الخليفة البائس”: تجاهل متعمد للاحتجاجات والأزمات
في لقاء مع وزير الداخلية ومحافظي النظام يوم الأربعاء، 28 مايو/أيار 2025، وكما نقل تلفزيون النظام، قدم خامنئي رواية منفصلة تماماً عن الواقع المرير الذي يعيشه الإيرانيون. فبينما يئن الشعب تحت وطأة الغلاء الفاحش وانقطاع الخدمات الأساسية، زعم خامنئي ببرود أعصاب أن “الأجواء العامة في البلاد لا تشهد أي مسألة خاصة!” وأضاف بثقة زائفة: “لحسن الحظ، الفرص في البلاد كثيرة… لا حرب لدينا، لا مرض (واسع الانتشار) لدينا… ليس لدينا مشكلة أمنية حادة… وليس لدينا تلك الخلافات الفئوية والسياسية الكبيرة (كما في السابق)… لذلك، فإن الأجواء العامة في البلاد الآن هي أجواء جيدة”.
وفي تناقض صارخ مع دعواته الشكلية للمسؤولين بـ”الذهاب إلى الناس والاستماع إلى كلامهم حتى لو كان حاداً والتحلي بالصبر”، لم يتطرق الولي الفقيه بكلمة واحدة إلى إضراب سائقي الشاحنات الذي شل البلاد، أو احتجاجات الخبازين الذين ووجهوا بالقمع، أو الأزمات المعيشية التي دفعت بالملايين إلى حافة اليأس. بل تحدث عن “فرص” مثل عضوية إيران في منتديات دولية كشنغهاي وبريكس، وعن ضرورة مكافحة الفساد الذي وصفه سابقاً بـ”تنين ذي سبعة رؤوس”، متناسياً أنه هو من يتربع على قمة هذا التنين ويغذي فساداً ممنهجاً ينهب ثروات البلاد.
هذه المسرحية الهزلية التي قدمها خامنئي لم تمر دون رد. فقد وجه قائد المقاومة الإيرانية، السيد مسعود رجوي، رسالة قوية كشفت بوضوح نفاق “الخليفة البائس” ووقاحته في تجاهل معاناة الشعب، قائلاً بسخرية لاذعة:
“بعد كارثة بندر عباس، وفجائع الخبز والماء والكهرباء والغلاء، والإضرابات العامة غير المسبوقة، حقاً إن ما يملكه ‘الأخيار’ جميعاً، تملكه أنت (يا خامنئي) وحدك بوقاحة منقطعة النظير!”
تعليق السيد مسعود رجوي هذا يلخص بدقة حالة الاستهتار التي يتعامل بها خامنئي مع الكوارث المتلاحقة التي تضرب البلاد نتيجة سياسات نظامه الفاشلة، من كوارث طبيعية كحادثة ميناء بندر عباس، إلى الأزمات المعيشية الخانقة والإضرابات التي تعم البلاد، والتي يصر على تجاهلها أو تصويرها على أنها أمور “غير خاصة”.
تناقضات تكشف عمق الأزمة
إن محاولة خامنئي تصوير الوضع في إيران على أنه “جيد” و”مستقر” لا تعدو كونها محاولة يائسة للتغطية على حالة الانهيار التي تعيشها “ولايته المأزومة”. فالنظام الذي يواجه مقاطعة شعبية واسعة لمسرحياته الانتخابية، ويشهد اتساع رقعة الاحتجاجات اليومية لمختلف الفئات، وزئير السجناء السياسيين من خلف القضبان، هو نظام فقد كل شرعية ويعيش كابوس السقوط الوشيك.
إن نصائح خامنئي لمسؤوليه بالاستماع إلى “الكلام الحاد” للشعب، هي في حد ذاتها اعتراف ضمني بحجم الغضب الشعبي المتراكم. لكن بدل معالجة أسباب هذا الغضب، المتمثلة في الفساد والقمع والنهب، يلجأ إلى المزيد من الخداع والوعود الجوفاء، في حين أن الشعب الإيراني قد تجاوز مرحلة المطالبة بإصلاحات شكلية، وبات يرى أن الخلاص الوحيد يكمن في إسقاط هذا النظام برمته. إنها بالفعل “مضحكة مبكية” أن يتحدث رأس الفساد عن مكافحة “تنين الفساد”، وأن يتجاهل “الخليفة البائس” أن ولايته المأزومة تقف على حافة الهاوية، إما بالانتحار جراء تناقضاتها الداخلية أو بالموت الحتمي على يد انتفاضة شعب لم يعد لديه ما يخسره.