موقع المجلس:
تصاعدت قمع الخبازین في الآونة الآخیرة في ایران حی يعيش الخبازون في مختلف أنحاء إيران أوضاعًا معيشية واقتصادية خانقة دفعتهم مرارًا إلى رفع صوتهم بالاحتجاج. تتفاقم معاناتهم يومًا بعد يوم جراء الارتفاع الجنوني في تكاليف الإنتاج، من أسعار المواد الأولية إلى إيجارات المحال وفواتير الخدمات،
بالإضافة إلى النقص المزمن في حصص الطحين المدعوم وعدم انتظام دفع المستحقات الحكومية. هذه الضغوط الهائلة جعلت استمرار عمل الكثيرين منهم شبه مستحيل، وهددت مصدر رزقهم الأساسي.
وفي مقابل هذه المطالب المحقة بتحسين ظروفهم وتوفير بيئة عمل عادلة، كان الرد الأبرز من قبل السلطات هو التجاهل والقمع. وما شهده اليوم، 24 مايو 2025، من تعامل عنيف مع الخبازين المحتجين في مشهد، واحتجاجات واسعة في مدن أخرى، ليس إلا نموذجًا صارخًا لهذا النهج القمعي الذي يواجه به النظام الإيراني أي صوت معارض أو مطالب شعبية.
تكفي دناءة خامنئي ونظامه في أنهم يردّون على مطالب الخبّازين الكادحين الشرفاء بهجوم قوات الشرطة القمعية، مستخدمين الغاز المسيل للدموع والفلفل. تحية للخبازين الكادحين المحتجّين في مدن مشهد، شاهين شهر في أصفهان، بروجرد، كرمان، أراك، وسائر المدن الذين صمدوا في وجه اعتداءات قوات… pic.twitter.com/zjE0oSHr2o
— مریم رجوي (@Maryam_Rajavi_A) May 24, 2025
تفاصيل الاحتجاجات في مشهد
شهدت مدينة مشهد اليوم سلسلة من التحركات الاحتجاجية للخبازين، عكست مدى اليأس والغضب الذي وصلوا إليه:
التجمع الأولي أمام نقابة الخبازين: بدأ اليوم بتجمع حاشد للخبازين أمام مقر نقابتهم في مشهد. رفع المحتجون أصواتهم ضد تردي الأوضاع المعيشية، والارتفاع الهائل في التكاليف، وتأخر صرف مستحقات دعم الطحين، ولامبالاة المسؤولين تجاه معاناتهم المتفاقمة. كانت مطالبهم واضحة: توفير حلول جذرية لمشاكلهم ووضع حد للوعود الحكومية الفارغة التي لم تعد تسمن ولا تغني من جوع.
القمع الوحشي للمحتجين: بدلًا من الاستماع إلى مطالب الخبازين أو فتح حوار جاد معهم، كان رد القوات القمعية التابعة للنظام عنيفًا وفوريًا. هاجمت هذه القوات التجمع السلمي مستخدمة الغاز المسيل للدموع والهراوات لتفريق المحتجين. هذا الهجوم لم يزد الخبازين إلا غضبًا وإصرارًا، وكشف عن طبيعة النظام في التعامل مع مواطنيه.
تحدي القمع والزحف نحو المحافظة: رغم القمع والضرب، لم يتراجع الخبازون. هتفوا بشجاعة في وجه القوات المهاجمة: “ضُربنا بالهراوات والغاز المسيل للدموع، لكننا لم نتراجع!”. وبإصرار أكبر، نظموا مسيرة من مقر النقابة باتجاه مبنى محافظة خراسان الرضوية، رافعين شعارات قوية مثل: “كفى وعودًا ومواعيد، موائدنا فارغة!”، مؤكدين بذلك أنهم لم يعد لديهم ما يخسرونه وأن صمتهم لن يستمر.
احتجاجات الخبازين في مدن إيرانية أخرى:
لم تقتصر احتجاجات الخبازين على مشهد، بل امتدت لتشمل مدنًا أخرى، مما يعكس حجم الأزمة التي يعاني منها هذا القطاع:
أراك: نظم جمع من خبازي مدينة أراك تجمعًا احتجاجيًا أمام مبنى المحافظة، معلنين عن رفضهم للغلاء الفاحش، وارتفاع تكاليف الإنتاج، وتجاهل المسؤولين لمطالبهم. وردد الخبازون هتافات تطالب المسؤولين المعنيين، الذين أشاروا إليهم رمزيًا بـ “نانينو”، بالتحلي بالمسؤولية ووقف الممارسات التي أضرت بهم، مؤكدين أن الأوضاع المرهقة والمظالم لم تعد محتملة.
كرمان: في كرمان، احتج الخبازون أمام مبنى المحافظة على الزيادة العشوائية في التكاليف، وغياب الدعم الحكومي، والتأخير في دفع دعم الطحين، والضغوط المعيشية التي لا تطاق. وعبر المحتجون عن يأسهم قائلين: “لا صوت يُسمع، ولا رد يصل؛ لم يعد لدينا ما نخسره!”.
بروجرد: شهدت مدينة بروجرد تجمعًا لعدد من الخبازين أمام نقابتهم، حيث احتجوا على عدم إيداع مستحقات دعم الخبز الحكومي، والنقص المستمر في حصص الطحين المخصصة لهم، مما أدى إلى تدهور أوضاعهم المعيشية بشكل كبير وجعل استمرار عملهم أمرًا بالغ الصعوبة، مطالبين النقابة بالتدخل العاجل.
شاهين شهر: على غرار بروجرد، نظم جمع من خبازي شاهين شهر تجمعًا احتجاجيًا في مقر نقابة الخبازين، وذلك اعتراضًا على عدم إيداع مستحقات دعم الخبز، والنقص في حصص الطحين، والمشكلات المعيشية الحادة التي يواجهونها والتي تهدد قدرتهم على مواصلة العمل.
إن ما يجري للخبازين في مشهد، أراك، كرمان، بروجرد، شاهين شهر، وفي عموم إيران، هو جزء من أزمة أعمق تتعلق بفشل النظام الإيراني في إدارة شؤون البلاد وتوفير أبسط مقومات الحياة الكريمة لمواطنيه. فالضغوط المعيشية، وارتفاع تكاليف كل شيء بما في ذلك فواتير الكهرباء التي تثقل كاهل أصحاب المخابز، والممارسات الفاسدة أو غير الكفؤة التي يرمز إليها مصطلح “نانينو” (في إشارة إلى الجهات المسؤولة عن تنظيم شؤون الخبز والتي يتهمها الخبازون بالتقصير أو الفساد)، كلها عوامل تدفع المواطنين إلى حافة الهاوية. لقد أثبتت الأحداث مرارًا وتكرارًا أن هذا النظام، بطبيعته القمعية وبنيته الفاسدة، لا يملك الإرادة ولا القدرة على الاستجابة الحقيقية لمطالب الشعب. إن الحل الجذري لهذه المعاناة المتكررة لا يمكن أن يتم إلا من خلال إرساء نظام ديمقراطي حقيقي يحترم حقوق المواطنين ويعمل من أجل خدمتهم، نظام يكون فيه الشعب هو مصدر السلطات وصاحب القرار.