صور للفقر المدقع فی ایران
موقع المجلس:
باعترافات رسمية و صریحة و اثر أزمات معيشية خانقة، تكشف فساد النظام ونهب حرس النظام الإيراني والمؤسسات التابعة لخامنئي في ظل حكومة تشبه المافيا تدفع البلاد نحو الهاوية
تغرق إيران في أتون أزمات متفاقمة تعصف بمقومات الحياة الأساسية للمواطنين، في مشهد يعكس انهياراً شاملاً للبنى التحتية من الماء والكهرباء إلى الدواء والغذاء. وبينما تكابد الأرياف شحاً مائياً حاداً وانقطاعات كهربائية متواصلة، تشتعل المدن بنار الغلاء الفاحش الذي يطال حتى أبسط الضروريات. هذه الكارثة المتعددة الأوجه ليست قضاءً وقدراً، بل هي نتاج مباشر لسياسات ممنهجة من الفساد والنهب تديرها شبكات السلطة المتنفذة، وعلى رأسها حرس النظام الإيراني والمؤسسات الاقتصادية التابعة للولي الفقیة علي خامنئي. إنها صورة جلية لـ “دولة مافيا” تستنزف موارد البلاد وتضحي بمستقبل شعبها على مذبح مصالحها الضيقة، وهو ما باتت تعترف به حتى الألسن والوسائل الإعلامية المحسوبة على النظام نفسه.
اعترافات من قلب النظام: شح المياه والكهرباء ينذر بـ “توتر اجتماعي”
ليست الأزمة مجرد شعارات معارضة، بل حقيقة يقر بها حتى المسؤولون في النظام. ففي 16 مايو الماضي، لم يتردد شهرياري، عضو مجلس النظام، في التحذير من “توتر اجتماعي” وشيك في قرى محافظة خراسان الشمالية بسبب شح المياه. وأقرّ بمرارة أن “أزمة توفير مياه الشرب في العديد من قرى المحافظة خطيرة ومثيرة للقلق”، عازياً ذلك إلى “تهالك معدات إمداد المياه وتأخر توفير المضخات البديلة” التي “أثرت على حياة القرويين”. وفي محافظة خراسان الجنوبية، أكد مدير عام شركة المياه والصرف الصحي التابعة للنظام، توكلي، أن المحافظة “تمر بظروف ندرة مياه غير مسبوقة”، لافتاً إلى أن “الانقطاعات المتكررة للكهرباء، خاصة في الصيف، تخلق تحدياً خطيراً في توفير وتخزين المياه في الخزانات”. هذه الاعترافات الرسمية ليست مجرد إقرار بسوء إدارة، بل هي شهادة على عقود من الإهمال المتعمد والفساد المنهجي، حيث يتم تحويل الموارد الوطنية لخدمة أجندات حرس النظام الإيراني والمؤسسات المرتبطة بخامنئي، بدلاً من تحديث البنية التحتية المتهالكة.
مفارقة الطاقة: ثروة هائلة وشعب يعيش في الظلام
تُعدّ أزمة الكهرباء مثالاً صارخاً على تناقضات هذا النظام. فكيف لبلد يمتلك ثاني أكبر احتياطي غاز ورابع أكبر احتياطي نفط في العالم أن يعاني من نقص حاد في الطاقة؟ صحيفة “شرق” الحكومية في عددها الصادر في 16 مايو الماضي، كشفت المستور، معترفة بأن “عجز الطاقة في البلاد وصل إلى مرحلة لا يكفي فيها إنتاج الكهرباء لتلبية ربع إلى خمس احتياجات البلاد، ولا يمكن لإنتاج الغاز تلبية ثلث الطلب المحلي”. وأقرت الصحيفة بأن “نقص الطاقة أطفأ أضواء العديد من المصانع”. هذه الفضيحة لا يمكن تفسيرها إلا بسياسات النهب الممنهج التي يمارسها حرس النظام والمؤسسات الاقتصادية العملاقة التابعة لخامنئي، والتي تسيطر على قطاعات الطاقة وتستنزف عائداتها لتمويل أنشطتها الخاصة والمغامرات الإقليمية، تاركة الشعب يعاني في الظلام.
غلاء فاحش: الدواء والغذاء أدوات نهب في يد “المافيا الحاكمة”
لا يقتصر الانهيار على الطاقة والمياه، بل يمتد ليطال لقمة عيش المواطن وصحته. فأسعار المواد الغذائية والأدوية تشهد ارتفاعات جنونية، مدفوعة بسياسات اقتصادية تخدم جيوب الفاسدين. موقع “إيكو إيران” الحكومي كشف عن ارتفاع سعر الأرز الإيراني بنسبة 40%، ليصل سعر الكيلوغرام الواحد إلى 250 ألف تومان. وأقرّ طاهري اتاقسرا، رئيس اتحاد بائعي الأرز في بابُل، بأن الأسعار لن تنخفض قريباً. كما أشارت وكالة أنباء “دانشجو” الحكومية إلى أن سعر الكيلوغرام الواحد من الأرز الفاخر قد بلغ 200 ألف تومان في طهران، معترفة بأن “جذر هذه الفوضى نابع من عوامل تشمل الفجوة في سعر الصرف، وغياب الرقابة الفعالة، وجشع الوسطاء، وعدم كفاءة سياسات دعم الإنتاج المحلي”. وفي قطاع الدواء، أكد هادي أحمدي، عضو مجلس إدارة جمعية الصيادلة التابعة للنظام، أن “أسعار الأدوية المستوردة ارتفعت بنسبة 10 إلى 30%، وبعضها تضاعف سعره” بسبب تغيرات أسعار العملات. وتناولت وكالة “إيلنا” الحكومية “زيادة تكلفة العلاج بأكثر من 100%” بعد أن “رفعت الحكومة الرسوم الطبية بنسبة 46%”.
هذه الارتفاعات ليست مجرد تقلبات سوق، بل هي نتيجة مباشرة لسياسات “دولة المافيا” التي تتلاعب بأسعار العملات وتغض الطرف عن جشع الوسطاء المرتبطين بها، لزيادة ثروات الشبكات المتنفذة على حساب صحة المواطن وقوته اليومي. إن الفساد المتجذر داخل أجهزة النظام، والتلاعب بآليات السوق، وغياب أي رقابة حقيقية، هي أدوات لـ “دولة المافيا” في إيران لنهب ثروات الشعب وتوجيهها نحو المشاريع التي تخدم أجندات حرس والمؤسسات الاقتصادية التابعة لخامنئي، بعيداً عن أي شفافية أو مساءلة.
نظام مافيوي يقود البلاد إلى الهاوية
إن الانهيار المتزامن للبنى التحتية الحيوية في إيران، والذي تؤكده اعترافات المسؤولين ووسائل الإعلام التابعة للنظام نفسه، ليس مجرد سوء إدارة أو تحدٍ عابر. إنه دليل قاطع على فشل ذريع وفساد بنيوي لنظام تحول إلى ما يشبه المافيا، حيث تُدير مراكز القوة، وعلى رأسها احرس النظام الإيراني والمؤسسات الخاضعة مباشرة لخامنئي، البلاد كإقطاعية خاصة، ويسود فيها نهب الثروات، وغياب المساءلة، والتضحية بمستقبل الأمة لخدمة مصالح ضيقة. هذه السياسات العدوانية، التي تُفقر الشعب وتُدمر مقومات حياته، تدفع البلاد نحو حافة الانفجار الاجتماعي الذي لا يمكن تجاهل تحذيرات المسؤولين أنفسهم بشأنه.