من لندن يعيد تسليط الضوء على مخطط إرهابي وتهديدات قوة القدس وتورّط الحرس في الإرهاب العالمي
موقع المجلس:
تمكّنت قوات خاصة بريطانية بالتعاون مع شرطة مكافحة الإرهاب، في واحدة من أخطر التهديدات التي یواجه الأمن القومي البريطاني منذ سنوات، تمکنت من اعتقال أربعة عملاء إيرانيين على صلة بـ”الوحدة 840″ التابعة لـ”قوة القدس” ضمن حرس النظام الإيراني. ويُعتقد أن المخطط يسلّط الضوء مجددًا على الحملة المستمرة التي يشنّها النظام الإيراني لقمع المعارضين وتصدير الإرهاب والتطرف إلى الغرب.
وبحسب مصادر استخباراتية، فإن بعض المتورطين قد دخلوا بريطانيا متخفين كلاجئين عبر القوارب الصغيرة، وهو مسار يُستغل بشكل متزايد، مع تسجيل أكثر من عشرة آلاف حالة عبور غير قانوني هذا العام وحده. وقد سبق الاعتقالات عملية مراقبة مطوّلة نفذها جهاز الاستخبارات البريطاني MI5، وسط مخاوف من تنفيذ الهجوم في أي لحظة.
في قلب هذا المخطط يقف حرس النظام الإيراني، المؤسسة العسكرية – الأمنية التي تأسست عام 1979 لحماية الثورة الخمينية، وتحوّلت لاحقًا إلى قوة مهيمنة على الجيش والاقتصاد والسياسة في إيران. يضمّ الحرس نحو 190 ألف عنصر، ويمتلك قوات برية وبحرية وجوية خاصة به، إلى جانب سيطرته على الأسلحة الاستراتيجية في البلاد. كما يُشرف على “قوات الباسيج” سيئة السمعة، التي تلعب دورًا مركزيًا في قمع الاحتجاجات والمعارضة الداخلية.
ولكن نفوذ الحرس لا يقتصر على الداخل الإيراني، بل يمتد إلى خارج الحدود من خلال ميليشيات وكيلة مثل حزب الله وحوثیون. وقد ساهم الحرس مباشرة في مقتل مئات الجنود الأميركيين وقوات التحالف، ونفّذ عشرات عمليات الاغتيال والخطف خارج البلاد، مستهدفًا المعارضين والصحفيين والشخصيات المعارضة المقيمة في الخارج.
وفي السنوات الأخيرة، كثّف الحرس جهوده لإسكات المعارضين المنفيين، بمن فيهم المقيمون في لندن. وغالبًا ما تنفذ هذه المهام عبر مجرمين مأجورين أو عناصر سرية، يتولّون المراقبة والتهديد وحتى محاولات القتل.
ورغم هذا السجل الخطير، لا يزال الحرس يتمتع بحرية الحركة في معظم أنحاء أوروبا. ففي حين صنّفت كل من الولايات المتحدة وكندا والسويد حرس النظام الإيراني كمنظمة إرهابية، لا تزال بريطانيا ومعظم دول الاتحاد الأوروبي مترددة في اتخاذ هذه الخطوة الحاسمة. ويُعزى هذا التردّد إلى اعتبارات قانونية ودبلوماسية وعمليّة، لكنها اعتبارات قصيرة النظر وخطرة.
مبررات الغرب المتهالكة
لقد قدّمت الحكومات الأوروبية عدّة مبررات لعدم تصنيف الحرس كمنظمة إرهابية، لكنّها تنهار عند أول اختبار جدي:
التحديات القانونية والفنية:
يرى البعض أن إدراج الحرس على قوائم الإرهاب قد يطال مجندين التحقوا به ضمن الخدمة الإلزامية. ورغم أن هذه المخاوف مشروعة، إلا أنه يمكن معالجتها قانونيًا من خلال استثناءات مدروسة. لا يجب أن تكون ذريعة لحماية تنظيم يمارس الإرهاب بشكل منهجي.
التعريف القانوني للإرهاب:
يدّعي البعض أن الحرس، كجزء من جيش دولة، لا يندرج ضمن التعريف التقليدي للمنظمات الإرهابية. لكن هذا التمييز لم يعد ذا معنى، خاصة مع الدور الذي تلعبه “قوة القدس” التابعة له، والذي لا يختلف عن أخطر الجماعات الإرهابية غير الحكومية.
الهواجس الدبلوماسية والاستراتيجية:
يخشى بعض القادة الأوروبيين أن يؤدي هذا التصنيف إلى تقويض المحادثات النووية مع طهران أو زيادة التوترات. لكن تجارب العقود الماضية أثبتت أن سياسة الاسترضاء لم تُنتج سوى المزيد من العنف والتصلّب. فالتراخي لا يجلب السلام، بل يفتح الباب أمام مزيد من العدوان.
صعوبات التنفيذ والموارد:
نعم، قد يتطلب تطبيق القرار موارد كبيرة، لكن كلفة الفشل في التحرك أعلى بكثير، سواء على صعيد الأرواح أو أمن الدول.
الأدلة على تورّط الحرس في الإرهاب العالمي واضحة وكثيفة، من الاغتيالات إلى محاولات القتل على أراضي أوروبا. والمؤامرة الأخيرة في بريطانيا ليست سوى حلقة من سلسلة اعتداءات تُظهر تجاهل الحرس التام للقوانين الدولية.
لقد كلّف هذا التراخي الغربي الشعب الإيراني ثمنًا باهظًا. فقد ساعدت العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية الأوروبية مع طهران على إبقاء هذا النظام القمعي في السلطة لأكثر من أربعة عقود، رغم ما يرتكبه من فظائع داخلية وخارجية.
لقد آن الأوان لأن تحذو بريطانيا والاتحاد الأوروبي حذو حلفائهما، وأن يدرجوا حرس النظام الإيراني على قائمة الإرهاب. فكل يوم تأخير يزيد احتمال وقوع هجوم جديد—قد يكون هذه المرة مدمّرًا وناجحًا.
إن أمن المواطنين وسلامة المجتمعات الأوروبية ومستقبل الديمقراطية، كلّها على المحك. وعلى أوروبا أن تستيقظ قبل فوات الأوان.