الحوار المتمدن-سعاد عزيزکاتبة مختصة بالشأن الايراني:
بين الحين والآخر يجري الکشف عن جرائم وإنتهاکات فظيعة حدثت على يد الاجهزة القمعية لنظام الملالي، ومع بشاعة وفظاعة هذه الجرائم والانتهاکات، فإنه يجب التمهل والتنويه عن إنها مجرد غيض من فيض ذلك إن ما يتم الکشف عنه في خضم تعتيم وتستر إعلامي يحرص النظام عليه کثيرا خوفا على سمعته ومکانته بين الدول، يوجد ما هو أمر وأدهى منه بکثير ولاسيما إن آلاف الجرائم والانتهاکات قد تم التستر عليها وإخفائها ولو سقط النظام فحينئذ سيعرف العالم ما قد قام هذا النظام بإرتکابه من جرائم وفظائع، ولعل سقوط نظام بشار الاسد وما قد تم الکشف عنه من فظائع دامية من شأنه أن يعطينا إنطباع عن هذا النظام الاستبدادي في حال سقوطه الذي لم يعد بعيدا.
حرص نظام الملالي على إستمرار ممارساته القمعية، حرص لا مثيل له، لأنه يعلم جيدا بأن النظام قد قام على أساس من هذه الممارسات منذ تأسيسه ولو تخلى عن القمع فإن ذلك کفيل بسقوطه، وهذه حقيقة جسدتها وتجسدها مجريات الامور والاحداث طوال ال46 عاما المنصرمة.
نظام الملالي وفي الوقت الذي يسعى فيه من أجل تجميل وجهه القبيح بعد أن صار يعاني من ضعف غير مسبوق ويخشى الانتفاضة أو الثورة الشعبية ضده، فإنه وفي تصريح صادم، كشف رئيس السلطة القضائية في النظام الإيراني، غلام حسين محسني إيجه إي، أن القضاء الإيراني تعامل مع 90 ألف ملف ضد طلاب ومواطنين في أعقاب انتفاضة عام 2022، مؤكدا أن من بين هؤلاء طلاب مدارس وجامعات، ومعلمين، ونساء ورجالا من مختلف طبقات المجتمع.
المثير للسخرية إن إيجەإي، وخلال حديثه لوسائل الإعلام الحكومية، قال: “تمت معالجة حوالي 90 ألف قضية… هؤلاء شملوا طلابا، ومعلمين، ومواطنين عاديين”. وأضاف محذرا: “أي شخص يستدعى أو يدان أو يسجن، يمكن أن يستغل من قبل العدو”.
ورغم حديث إيجه إي عن “عفو قضائي” وإتاحة الفرصة للمتهمين لتقديم طلبات العفو، إلا أن الواقع يشير إلى حملة قمع ممنهجة طالت عشرات الآلاف من الشباب والمعلمين في سابقة غير مسبوقة. وأكد أن “السلطة القضائية تعاونت مع الحوزات الدينية، والبسيج، والجامعات، والمعلمين” لتسهيل إجراءات العفو، لكنه أشار بوضوح إلى أن من تبقى في السجون هم من ارتكبوا ما وصفه بـ”أعمال خطيرة ومنظمة”، في إشارة ضمنية إلى ارتباطهم بمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية.
وبهذا الصدد ووفقا لتقارير المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية (NCRI)، تم اعتقال أو إخفاء ما لا يقل عن 3626 من أنصار منظمة مجاهدي خلق خلال انتفاضة 2022، ولا يزال مصير الكثير منهم مجهولا. ويواصل المجلس دعوته للمنظمات الدولية للتحقيق في أوضاع السجون الإيرانية والمطالبة بالإفراج عن المعتقلين.
وهنا من المهم جدا التنويه عن إنه وعلى الرغم من الدعاية الرسمية التي تصف مجاهدي خلق كتنظيم هامشي، يواصل النظام الإيراني تسمية المنظمة بـ”العدو الرئيسي”. وما زالت خطب صلاة الجمعة تردد شعارات مثل: “الموت للمنافقين” إلى جانب “الموت لأمريكا”. هذا الهوس المتواصل يؤكد أن النظام مرعوب من تأثير بديل سياسي تتبناه الأجيال الشابة.
خلاصة القول إن نظام الملالي اليوم يواجه تمردا جيليا لا يستطيع السيطرة عليه. في إيران اليوم، أن تكون شابا يعني أن تعامل كمشتبه به. أن تفكر يعني أن تضطهد. وما يخيف النظام أكثر من أفعال الشباب، هو أفكارهم.