الملا علي خامنئي
ایلاف – محمود حكميان:
يبذل النظام الإيراني جهوداً مضنية في وسط أوضاع متأزمة على الصعيدين الداخلي والخارجي، من أجل إظهار نفسه ندّاً للولايات المتحدة، وأنه يفاوض من موقع القوة وليس الضعف، لكن لا يبدو إطلاقاً أن هناك من يمكن أن يصدق بذلك، إذ إنها مفاوضات بين قوي وضعيف!
لو افترضنا أن الحروب والأزمات التي افتعلها النظام الإيراني في المنطقة خلال الأعوام الثلاثة المنصرمة مضت بما يتفق مع أهداف وغايات النظام الإيراني، فهل كان سيجلس وفده إلى طاولة المفاوضات في مسقط وروما كما شهدنا؟ وهل كانت تصريحات ومواقف خامنئي وبقية المسؤولين في النظام تجري بالنمط الحالي المتسم بالحذر البالغ المشرئب بالخوف والقلق؟ من الواضح جداً أنها كانت ستختلف، وأنه كان سيتصرف بطريقة مختلفة تماماً.
النظام الإيراني في أقصى درجات الضعف، بل وحتى إنه هش بالمعنى الحرفي للكلمة، وإن تعويله في الفترات الأخيرة والوقت الحاضر على الممارسات القمعية بصورة غير مسبوقة، وبشكل خاص في تنفيذ أحكام الإعدامات، يدل على تخوفه من الأحداث والتطورات، وأنه يريد أن يحول دون انفجار الأوضاع، وذلك بالمراهنة على الممارسات القمعية كسبيل لدفع الشعب الغاضب للنأي بنفسه عن أي احتجاجات عارمة قد تنقلب كطوفان على النظام.
النظام الإيراني اليوم، وبشكل خاص الولي الفقيه علي خامنئي، يحرصون على اللجوء لممارسة الكذب والخداع والتمويه في تصريحاتهم ومواقفهم، وإلى أقصى حد ممكن، وذلك من أجل التغطية والتستر على ضعف النظام وهزاله. بل وإن الأنكى أن خامنئي لا يكتفي بممارسة الكذب والخداع، بل وحتى يلجأ إلى تسويق جمل وعبارات تتسم بضبابية وغموض ويمكن حملها على أكثر من تأويل، من أجل التهرب من قول الحقيقة كما هي.
وبهذا السياق، فإنه وفي لقائه برؤساء السلطات الثلاث في 15 نيسان (أبريل) 2025، قال خامنئي: “لا ينبغي أن نكون مفرطين في التفاؤل أو التشاؤم تجاه هذه المحادثات، هي خطوة تقررت وبدأ تنفيذها، ويجب متابعتها بدقة… المحادثات قد تنجح أو تفشل. نحن لا نثق بالطرف المقابل، لكننا نثق بإمكاناتنا.”!
هذا الكلام الغريب والذي يحفل بالتناقضات ويتسم بنوع من التخبط، فإنه وعلى الرغم من التحفظ الظاهري الذي يغلب عليه، يحمل في طياته تراجعاً تكتيكياً حذراً أمام تصاعد الأزمات الحادة والمتجذرة التي تواجه النظام وتثير خوفه وقلقه.
من دون شك، فإن خامنئي وبقية المسؤولين في النظام يبذلون كل ما بوسعهم من أجل أن تعبر سفينة النظام إلى الضفة الأخرى بسلام، ولا تجرفها رياح الأحداث والتطورات العاتية معها، إذ إن الأهم جداً لهذا النظام هو أن يتم ضمان البقاء وعدم السقوط والانهيار!