موقع المجلس:
اضحی الاقتصاد الإيراني على حافة الانهيار. هذا ما تم التأکید علیه من جانب جهات رسمیة داخل النظام الایراني. في تطوّر لافت يكشف عن حجم المأزق الاقتصادي الذي يعيشه النظام الإيراني، أدلى عدد من كبار الخبراء والمسؤولين السابقين في مؤسسات النظام باعترافات غير مسبوقة، أكّدوا فيها أن ما تواجهه إيران ليس أزمة عابرة، بل انهيارًا اقتصاديًا ممنهجًا، يُهدّد بانفجار اجتماعي واسع النطاق.
هذه التصريحات، الصادرة من داخل أروقة النظام، تقوّض السردية الرسمية حول “المرونة الاقتصادية” وتكشف واقعًا مشحونًا بـ الفقر، التضخم، الفساد، والجمود الهيكلي، وسط إصرار النظام على تخصيص الموارد لصالح أجهزته القمعية.
وفي حوار علني بتاريخ 6 نيسان 2025، بين الخبير الاقتصادي مسعود نيلي ووزير الاقتصاد السابق إحسان خاندوزي، أطلق نيلي تحذيرًا صارخًا:
“نحن لا ننمو إطلاقًا… لا مستقبل لهذا المسار… ربما العام القادم لن نكون هنا.”
نيلي، الذي شغل مناصب استشارية عليا في الحكومات السابقة، أقرّ بأن الاقتصاد الإيراني يعاني من تآكل عميق سببه الاعتماد المطلق على النفط، غياب الإنتاجية، وسياسات خارجية تصادمية تعيق أي نمو حقيقي.
كما شدد على أن رفع العقوبات لن ينقذ الاقتصاد دون إصلاحات هيكلية جذرية، محذرًا من سيناريو “المرض الهولندي” في حال عودة عائدات النفط دون تنويع.
انهيار الاستثمار وفقدان الثقة العامة
في مشهد يتكرر في كافة القطاعات، تتوالى الاعترافات بشأن انعدام بيئة الاستثمار.
قال حسين سلاح ورزي، ممثل غرفة التجارة المرتبطة بالنظام:
“مع تضخم بين 45% و50%، لا أحد يجرؤ على الاستثمار في الإنتاج… والثقة بالحكومة شبه معدومة.”
تشير الإحصائيات الرسمية إلى انخفاض حاد في تكوين رأس المال، في ظل وعود حكومية متضاربة، تثير شكوك الشارع وتغذّي الإحباط الشعبي.
اقتصاد التقشف والإفقار الجماعي
من جانبه، تفاخر محمد حسين عادلي، الدبلوماسي السابق، بزيادة العائدات الضريبية بنسبة 53%. لكن مصادر متعددة تؤكد أن هذه الزيادة جاءت عبر إثقال كاهل الفقراء، وليس من خلال الإنتاج أو النمو الحقيقي.
أما حميد حاج إسماعيلي، الخبير في شؤون العمل، فكشف أن:
خط الفقر لعائلة من أربعة أفراد تجاوز 35 مليون تومان شهريًا.
في المقابل، الحد الأدنى للأجور لا يتعدى 12 مليون تومان.
بمعنى آخر، غالبية العمال الإيرانيين يعيشون تحت خط الفقر بمرّات.
نظام صحي متداعٍ… وأدوية بمتناول الأغنياء فقط
حذر عليرضا حيدري، الخبير في قطاع الصحة، من أن إلغاء سعر الصرف المدعوم للأدوية أدى إلى ارتفاع أسعار الأدوية بنسبة تصل إلى 400%، ما حرم ملايين المرضى والمتقاعدين من العلاج الأساسي.
الأمن الغذائي في خطر… واللحوم غائبة عن موائد الفقراء
بحسب تقارير صحف رسمية، منها “ستاره صبح” و”بهار نيوز”:
55% من سكان المدن يعانون من انعدام الأمن الغذائي.
الاستهلاك السنوي للحوم الحمراء لدى الطبقات الفقيرة تراجع من 12 كلغ إلى أقل من 1 كلغ.
60% من السعرات اليومية تأتي من الحبوب، ما يشير إلى نقص حاد في البروتين.
معدلات الفقر في مناطق مثل سيستان وبلوشستان تفوق 64%، مع انتشار سوء تغذية خطير في أوساط الأطفال.
“مافيا العقوبات” تربح من الحصار
نقل موقع “جهان صنعت”، المقرب من النظام، اعترافًا لافتًا بأن:
“15 مليار دولار سنويًا تذهب لجيوب المنتفعين من استمرار العقوبات.”
هذا الاعتراف يكشف عن وجود شبكة مصالح داخل النظام الإيراني، تتغذّى على الحصار وتعارض أي انفتاح اقتصادي، لأنها تربح من الفوضى.
ميزانية الحرس تزداد… والبلاد في عجز مالي
في حين يعيش المواطنون في فقر، كشفت “دنياي اقتصاد” أن ميزانية حرس النظام (IRGC) بلغت 7.5 مليار دولار في موازنة 2025.
كما انتهكت الحكومة السقف القانوني لإصدار السندات، ما يُظهر حالة العجز المالي الخطير.
في السياق نفسه، حذر نواب في البرلمان من:
شحّ المياه الجوفية (حتى عمق 200 متر).
انقطاعات مرتقبة للكهرباء والإنترنت هذا الصيف.
ارتفاع مرتقب في أسعار النقل العام اعتبارًا من أيار.
️ نظام يحكم بالجوع… لكن الجوع لا يُقمع
كل المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية تُجمع على أمرٍ واحد:
النظام الإيراني لا يعاني من أزمة مؤقتة… بل يسير نحو انهيار شامل.
المواطنون الإيرانيون باتوا رهائن لسياسات نظامٍ يُدير الفقر كسلاح سياسي، ويضخّ الموارد في أدوات القمع عوضًا عن الإنقاذ الاقتصادي.
لكن، كما قال التاريخ مرارًا: الفقر قد يُدار… أما الجوع، فلا يُطاق.
والنظام الذي يراهن على القمع… لا يمكنه إسكات 90 مليون معدة فارغة.