موقع المجلس:
مع حلول كل عام جديد، يعلن خامنئي بنفسه، دون أن يتحمل يوماً مسؤولية أو تبعات السياسات الاقتصادية للحكومات المتعاقبة، الشعار الاقتصادي للعام، وكأنما هو المقرر والمنقذ الوحيد. ورغم مرور السنوات، لا أحد يحاسبه ولا يُعرض تقرير نهائي يكشف ما إذا كانت شعاراته تحققت أم لا، بل تُضاف أزمة اقتصادية جديدة فوق سابقتها، لتتراكم الأزمات بلا حل.
هذه الظاهرة ليست جديدة، بل متأصلة في بنية النظام الإيراني منذ عهد خميني. فطوال أكثر من أربعة عقود، اعتمد النظام على وجود حكومتين: واحدة رسمية ظاهرية، وأخرى فعلية ميدانية يديرها الولي الفقيه وأجهزته. لذا، فالأزمات السياسية والاقتصادية لم تعرف التراجع، بل سارت في مسار تصاعدي دائم.
لا الحكومات السابقة استطاعت تنفيذ شعارات خامنئي، ولا الحكومة الحالية بقيادة بزشكيان تملك القدرة على تحويل تلك الشعارات إلى واقع ملموس. والسبب واضح: بزشكيان، كما يعلم عموم الشعب الإيراني، لا يملك أي سلطة حقيقية على الاقتصاد. فمفاتيح الاقتصاد تمسك بها أذرع الولي الفقيه، وعلى رأسها حرس النظام الإيراني ومؤسساته، وهي لا تخضع لأي نوع من المساءلة.
الخبراء الاقتصاديون والسياسيون التابعون للنظام أنفسهم، يقرّون صراحة بأن تحقيق شعار العام الجديد مرهون بتغييرات جوهرية في بنية السياسة الاقتصادية للنظام. ومع أنهم لا يصرّحون مباشرة بأن رئيس الجمهورية لا يملك سلطة، فإنهم يوجهون أصابع الاتهام ضمنيًا إلى الولي الفقيه وأجهزته.
أحد هؤلاء الخبراء يقول: «نحن نعاني من تضخّم يقترب من ٤٠٪ منذ سبع سنوات، وبزشكيان لا يمكنه حل هذه الأزمة خلال ثلاثة أشهر.»
ويضيف حسين راغفر، عضو الهيئة التدريسية في جامعة الزهراء: «الاحتكار الاقتصادي ناجم عن سيطرة نهادات خاصة على مفاصل الاقتصاد. هذه المؤسسات شكّلت بيئة معرقلة للإنتاج، وتسببت في الفساد، وهروب رؤوس الأموال، وهجرة العقول من البلاد.»
حتى أعضاء مجمع تشخيص مصلحة النظام يعترفون، من حيث لا يشعرون، بأن دور رئيس الجمهورية شكلي، وأن زمام الاقتصاد بيد جهة أخرى. يقول أحدهم:«ما نراه هو تراكم لأخطاء ۱۳ حكومة سابقة، من حكومة موسوي زمن الحرب إلى حكومة رئیسي.»
ويضيف: «هذه السياسات قائمة منذ ۳۶ عاماً ولم تتغير، ولا يمكن إنقاذ الاقتصاد دون كبح نفوذ هذه الجهات.»
كل هذا يجري بينما يتكرر كل عام نفس المشهد: شعار اقتصادي جديد من خامنئي، دون تغيير حقيقي، مع استمرار نهب الثروات، وتبديد الإيرادات، وغياب الشفافية. أحد خبراء النظام يعترف قائلاً:
«حققنا حوالي ۱۰۰ مليار دولار من العائدات الأجنبية العام الماضي، لكن لم يُصرف شيء منها لصالح عامة الشعب.»
ويؤكد المراقبون أن أصل الأزمة الاقتصادية يكمن في السياسة الحاكمة، والتي يسيطر عليها الولي الفقيه، وتقوم على تهميش الحرية والديمقراطية والاستئثار الكامل بالسلطة والثروة. ومن هنا، لا يمكن فصل الفساد الاقتصادي عن الاستبداد السياسي.
في هذا السياق، يحاول مسعود بزشكيان ترويج شعارات فارغة حول تنفيذ وعود العام الجديد، رغم اعترافه الشخصي بانعدام التعددية السياسية والحزبية قائلاً:
«لدينا ٥٠ حزباً، لكن يمكن جمعهم جميعاً في سيارة فولكسفاغن!»
أما الخبراء، فيحذرون من انهيار رأس المال الاجتماعي، وفقدان ثقة الشعب بالمؤسسات، وغياب الأمل بمستقبل أفضل تحت هذه المنظومة.