حدیث الیوم:
موقع المجلس:
لقد فشلت الجهود الحثيثة التي بذلها رئيس النظام الإيراني، مسعود بزشکیان، للحيلولة دون استيضاح وزير الاقتصاد عبدالناصر همتي، أقدم مجلس النظام على إقالته يوم الأحد، 2 مارس، بأغلبية 182 صوتًا. منذ بداية الأزمة وحتى لحظتها الأخيرة، لم يدخر بزشکیان وسيلة من التوسل والخضوع والتملق للحفاظ على همتي في منصبه.
بمجرد طرح موضوع الاستيضاح في 18 فبراير، سارع بزشکیان إلى مبنى وزارة الاقتصاد دون تنسيق أو إعلان مسبق، محاولًا الدفاع عن همتي بقوله: “جميع السياسات المصرفية والنقدية وسعر الصرف يتم اتخاذها في اجتماعات رؤساء السلطات الثلاث، وليس للوزير أي علاقة بها. إذا كان هناك خطأ، فنحن جميعًا مسؤولون عنه، تعالوا وحاسبونا” (إيسنا، 19 فبراير). وقد تحولت هذه التصريحات إلى فضيحة داخل البرلمان، حيث قام الملا رسائي بقراءة تصريحاته بصوت عالٍ عبر مكبرات المجلس، في سخرية واضحة منه.
في يوم الاستيضاح، 2 مارس، أقر بزشکیان بالأزمة الاقتصادية العميقة والديون الهائلة التي تثقل كاهل الوزارات الحكومية، محذرًا: “لم أرغب في كشف العديد من الحقائق، لأن النهج الذي نتبعه يؤدي إلى نشر الإحباط في المجتمع. وهذا يضر بالبلاد والمواطنين. واجبنا هو بث الأمل والإيمان بالقدرة على التغيير، وليس نشر اليأس وضخه…”. ثم تابع متوسلًا أعضاء البرلمان قائلاً: “أتوسل إليكم، أيها الأعزاء، لا تعرضوا استقرار الحكومة للخطر. نعم، لدينا عيوب، وأنا أعترف بها، ولكن يمكننا حلها من خلال الحوار. الإقالة لن تحل المشكلة، بل ستزيد من عدم الاستقرار وانعدام الأمن وتدهور السوق، وستؤدي إلى تداعيات أنتم على دراية بها. من وجهة نظري، لن يعود ذلك بأي فائدة علينا. لقد دعمتمونا حتى الآن، فاستمروا في دعمكم. أي شخص لديه حل فليقدمه، وسنرحب به بكل احترام، ولكن علينا أن نتكاتف ونمنع إثارة قلق المواطنين”.
بإثارته لمخاوف “عدم الاستقرار، وانعدام الأمن، وتدهور الأسواق، والتحديات المقبلة التي تعرفونها جيدًا”، كشف بزشکیان عن مدى رعبه من الوضع المتفجر في المجتمع الإيراني والظروف الهشة التي يمر بها النظام.
كما أعرب نائب الرئيس، عارف، عن قلقه إزاء تداعيات الإقالة قائلاً: “الوضع الحالي في البلاد والحكومة لا يسمح بإجراء تعديلات وزارية، وليس من الصالح العام تنفيذها، ونأمل أن يتحرك البرلمان بروح التوافق بشأن الاستيضاح” (صحيفة همميهن، 2 مارس).
وقبل ذلك، كان معاون بزشکیان التنفيذي، قائمپناه، قد أبدى مخاوفه قائلاً: “الوضع في البلاد لا يسمح، لا قدر الله، باستيضاح وزرائنا وسحب الثقة منهم. بالتأكيد، أعضاء البرلمان يدركون المصلحة الوطنية بشكل أفضل، ونأمل أن يحصل وزير الاقتصاد على تصويت قوي بالثقة” (تلفزيون النظام، 26 فبراير).
لكن، وعلى عكس توقعات نائب الرئيس والمعاون التنفيذي، ورغم توسلات بزشکیان، قرر البرلمان إقالة همتي بأغلبية ساحقة. هذه الخطوة لا تعني مجرد إقالة وزير، بل تمثل انهيارًا لمشروع “التوافق” الذي عملوا على بنائه طوال الأشهر السبعة الماضية. في ذلك الوقت، استطاع بزشکیان تأمين الثقة لوزرائه عبر الاستعانة بدعم “الولي الفقيه”، لكن التطورات المتسارعة خلال الأشهر الأخيرة وضعت النظام في موقف لا يحسد عليه، وكانت إحدى نتائج ذلك استيضاح همتي.
باتت بنية النظام الهشة والممزقة، ومحاولاته الزائفة لتحقيق الوحدة، مكشوفة ومتهالكة. وها هو النظام يواجه السيناريو الذي حذر منه بزشکیان بنفسه: “عدم الاستقرار، وانعدام الأمن، وتدهور الأوضاع الاقتصادية“.