حدیث الیوم:
موقع المجلس:
من ممیرات المظاهرة الاکبری في باریس یوم 8 فبرایرالجاري حضور ثلاثة أجيال نشطة في هذه المظاهرة کما شكّل أحد أوجهها البارزة والمعبّرة:
الجيل الأول، وهو الجيل الذي صنع ثورة 1979، والذي تعرّض مرارًا للمجازر، وقُيّد بالسلاسل، وواجه حملات التشويه والأكاذيب، لكنه نهض من وسط النيران والدماء، ولم يضعف أو يستسلم، بل امتد وانتشر في الأجيال اللاحقة.
الجيل الثاني، وهو الجيل الذي تجرّع آلام الظلم والطغيان على يد الملالي المجرمين، سواء الذين ظلوا صامدين في الوطن ويقاومون، أو الذين وجدوا أنفسهم بعيدين عن وطنهم، لكنهم ظلّوا أوفياء له، يصرخون بألم شعبهم ويشاركونه نضاله. إنهم ذاتهم أنصار أشرف الذين جابوا خلال أربعة عقود شوارع مدن عدة قارات، حاملين راية المقاومة والعدالة، ورفعوا صوت الشعب المختنق ليصل إلى الضمائر الحية في العالم.
أما الجيل الثالث، فهو الجيل الذي تلقّى رسالة المقاومة والثورة، وهو الجيل المنتفض في كل أنحاء الوطن، ورفاقه الذين شهدنا حماسهم في هذه المظاهرة. رأيناهم يعيشون بذكرى وطنهم وحبهم له، قلوبهم تنبض بألم الشعب المقيّد، ونبضهم يتّحد مع خلايا وحدات الانتفاضة، لا يحملون همًّا سوى تحرير إيران ودعم رفاقهم في الداخل، من الذين يقودون الثورة ويشعلون شرارتها.
السيدة مريم رجوي و في كلمة ألقتها خلال مظاهرة للإيرانيين بمناسبة الذكرى السادسة والأربعين للثورة ضد الشاه في باريس، قالت:
“أراد نظاما الشاه والملالي إحراق الثورة الإيرانية وتحويلها إلى رماد، لكن بقيادة مسعود رجوي، انبعثت الثورة من تحت الرماد واشتعلت من جديد”.
الدليل الحي على هذه الحقيقة كان في هذه المظاهرة الباريسية الكبرى، التي بدت كألماسة متلألئة، تعكس من كل زاوية جانبًا من واقع الثورة وحيويتها، وحقيقة المشهد السياسي والاجتماعي في إيران التي تقف على أعتاب ثورة جديدة.
تناغم الأجيال الثلاثة في مظاهرة باريس الكبرى: شهادة على صمود الثورة
إن تناغم وتلاحم هذه الأجيال الثلاثة في المظاهرة الكبرى بباريس يُعدّ ظاهرة استثنائية، وهو دليل واضح على أن خميني وبقاياه لم يتمكنوا من تحويل اسم إيران إلى رمز للعار، ولم ينجحوا في تلويث القيم الإنسانية العليا، مثل الثورة والتضحية، أو في القضاء على القوة العظيمة التي انطلقت مع الثورة ضد الشاه.
الجيل الثالث يتحدث بحماس عن حلم الحرية وإيران الحرة غدًا، ويؤكدون أنهم مواصلو درب فاطمة مصباح ذات الثلاثة عشر عامًا. يتحدثون عن العهد الذي قطعوه مع مريم رجوي، ويعلنون عزمهم على الاضطلاع بدورهم في تحرير الوطن، حتى لا يضطر أطفال إيران للبحث عن الطعام في أكوام النفايات.
إن اتحاد الأجيال الثلاثة في صفوف المقاومة، رغم كل الأكاذيب وحملات التشويه والتضليل التي أطلقها النظام الكهنوتي المحتال وأعوانه، إن لم يكن معجزة الثورة الديمقراطية الجديدة، فما هو إذن؟
لكن الحديث عن المعجزة ليس سوى استعارة، فالحقيقة أن هذا الهدير الثوري وهذا النشيد الحرّي هو ثمرة مقاومة دموية لا تعرف الاستسلام، مقاومة لم تسمح، رغم أقسى الظروف، بأن يخضع الشعب الإيراني والتاريخ الإيراني لمغتصب الوطن وأكبر لصّ في القرن.
هذه المقاومة لم تسمح للمنفى والحياة في المنافي الآمنة بأن تُنسي الأحرار وطنهم ومعاناة شعبهم، ولم تترك ركام الانفعال يُثقل كاهل الطاقات الثورية الكامنة.
إنها مقاومة حافظت دائمًا على شعلة النضال والانتفاضة متقدة، وها هي مع انطلاق العام السابع والأربعين للصمود في وجه سارقي ثورة فبراير، تُثبت من خلال 47 عملية بطولية أن راية الثورة ما زالت مرفوعة، وستظل كذلك حتى اليوم الذي تطيح فيه جيش التحرير و وحدات الانتفاضة، بالتكاتف مع جميع أبناء الشعب الإيراني، بهذا النظام الدجال المعادي للإنسانية، وتطوي صفحته المخزية إلى الأبد.