الحوار المتمدن-سعاد عزيزکاتبة مختصة بالشأن الايراني:
بعد أن أصبح موضوع إنهيار العمق الاستراتيجي للنظام الايراني والذي أدى الى التأثير السلبي الواضح على إستقراره الداخلي، فإن هذا الموضوع لفت الانظار کثيرا وصار الموضوع الاکثر تناولا وطرحا من قبل وسائل الاعلام التابعة للنظام، لکن المثير والملفت للنظر إن هذه الوسائل تسعى کلها وفي خطها العام الى تناول وتفسير هذه الهزيمة بطريقتهم الخاصة.
الملا خامنئي من جانبه يحاول جاهدا تفسير هذا الامر بصورة وطريقة مغايرة تماما تسعى لإظهار النظام وکأنه کما کان سابقا والتستر على الهزيمة الکارثية التي لحقت بالنظام ولکن وفي حقيقة الامر فإن الانهيار الاستراتيجي أصبح واضحا لدرجة أن حتى بعض المقربين من النظام يعترفون به ويعبرون عنه صراحة.
بهذا السياق، وفي 12 يناير، وفي مقابلة مع موقع “ديدار نيوز” التابع للنظام، صرح محمد علي جنتخواه، أحد منظري النظام، قائلا: “هذه الاستراتيجية، بنهجها المزعوم حول العمق الاستراتيجي وهذه الخطابات الفارغة، لا يمكن أن تستمر. يمكن القول إن هذا بمثابة صفعة من التاريخ، نتيجة عدم قراءة التاريخ جيدا وتكرار أخطائنا التاريخية. في رأيي، البلاد على وشك تفريغ طاقة جديدة، وهذه المرة، من غير الواضح تماما ما ستكون نتائجها”.
حديث جنتخواه عن “تفريغ الطاقة” لا يشير إلا إلى النظام الذي يقوده خامنئي وفصائله التابعة. وهذا يؤكد نهاية الفاعلية السياسية للنظام وتسارع التراجع الأيديولوجي نتيجة “صفعة التاريخ”. وأضاف جنتخواه: “أهم قضية تواجه إيران هي الأيديولوجية الحاكمة. أعتقد أن مشاكل البلاد لا يمكن حلها لا عن طريق التيار المحافظ، الذي بات بعيدا عن الواقع، ولا من خلال التيار الإصلاحي”.
والحقيقة أن الانهيار في سوريا انعكس اجتماعيا داخل إيران، حيث اضطر خامنئي إلى تعليق مشروع قانون الحجاب والعفاف الذي كان يستهدف القمع والنهب. فعندما تنهار الاستراتيجية، تعكس القوانين الاجتماعية المترتبة عليها طبيعة هذا الانهيار.
لکن وفي مقابل هذه التصريحات والمواقف التمويهية والمخادعة التي تسعى لمنح النظام شيئا من القوة والامل، فإنه من المهم جدا النظر في تصريحات ومواقف تعکس الحقيقة وتسعى لتناول الموضوع بصورة واقعية، وبهذا السياق فإن تصريحات الجنرال تود وولترز، القائد السابق لقوات الناتو وقائد القوات الأميركية في أوروبا، خلال مؤتمر دولي عقد في باريس بتاريخ 11 يناير 2025، بأن الظروف أصبحت مهيأة لإحداث تغيير جذري في إيران.
وفي كلمته التي ألقاها أمام أعضاء المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية (NCRI) ومؤيديه من مختلف أنحاء العالم، أشاد وولترز بجهودهم المستمرة لعقود من أجل الديمقراطية. وقال: “شرور النظام استمرت لفترة طويلة للغاية”، مؤكدا أن الزخم أصبح الآن في صف الشعب الإيراني. وأوضح وولترز الخطوط العريضة لخطة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية للانتقال الديمقراطي، التي تشمل استراتيجيات دبلوماسية وإعلامية وعسكرية واقتصادية. وأكد على أهمية الجهود المنسقة لدفع هذه القضية إلى الأمام، مشيرا إلى أن عام 2025 سيكون عاما حاسما لإيران الحرة.
ومن المفيد هنا وبنفس السياق، التنويه عن الاجتماع الضخم لعشرات الالاف من الإيرانيين في العاصمة الفرنسية باريس في یوم السبت الثامن من فبراير 2025، للتعبير عن مطلبهم بتغيير النظام في إيران ودعمهم للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية (NCRI)، البديل الديمقراطي الوحيد للنظام الحاکم في إیران، ولاسيما وإن التطورات الأخيرة في المنطقة، بما في ذلك سقوط بشار الأسد والنكسات الكبيرة التي مني بها النظام الإیراني في استراتيجية تأجیج الحروب بالوكالة، جعلت النظام في أضعف حالاته وأكثر هشاشته منذ عقود. نتيجة لذلك، كثف النظام من القمع في الداخل لمنع انتفاضات شعبیة وسرع جهوده للحصول على أسلحة نووية. لکن سقوط الديكتاتور السوري يؤكد أن نهاية حكم الملالي أمر لا مفر منه.