موقع المجلس:
بعد ما تصاعدت خروج المستثمرين الأجانب من إيران في السنوات الآخیرة، تفاقمت المخاوف مع تقارير صدرت في 14 يناير 2025، تفيد بأن مستثمرًا هولنديًا يمتلك حوالي 33% من أسهم شركة “ديجيكالا” يخطط للخروج من السوق الإيرانية. كما كشفت “همشهري أونلاين” سابقًا عن انسحاب المستثمر في شركة “فيفان”، التي تدير سلسلة تضم أكثر من 100 فرع في إيران.
وأشار المستثمران حسن وحميدة هاشمي، أصحاب سلسلة “فيفان”، إلى أن “الخسائر الناتجة عن ارتفاع أسعار السلع والتراجع الحاد في القوة الشرائية” كانت السبب الرئيسي وراء قرارهما.
ووصف الناشط التجاري حسين صلاحورزي، في مقابلة مع صحيفة “دنيا الاقتصاد”، انسحاب مجموعتي “صافولا” و”هايبر ستار” بأنه مقلق للغاية. وقال: “بقيت صافولا في إيران حتى خلال فترات التوتر الشديد بين إيران والسعودية، مثل إغلاق السفارات”. وأضاف: “كما استمرت هايبر ستار في العمل رغم تشديد العقوبات الأميركية خلال رئاسة دونالد ترامب. انسحابهما في الظروف الحالية يثير تساؤلات جدية”.
ويشير المحللون الاقتصاديون إلى عدد من العوامل التي أسهمت في موجة خروج المستثمرين الأجانب، منها تقلص الاستهلاك الأسري، تراجع الأرباح، التغيرات المتكررة في القوانين واللوائح، تحديات البنية التحتية، والتأثير المستمر للعقوبات الدولية.
أدى التقاء الأزمات الاقتصادية وعدم الاستقرار السياسي والتقلبات الشديدة في العملة، إضافة إلى مخاطر الاستثمار والتضخم المتصاعد وتراجع القوة الشرائية، إلى خلق بيئة طاردة للاستثمارات الأجنبية في إيران. ويسلط خروج الشركات الأجنبية الضوء على تفاقم هذه التحديات، مع تقييم المستثمرين للوضع الاقتصادي والسياسي على أنه غير قابل للاستمرار.
انسحاب الشركات الكبرى من السوق الإيرانية
شهدت الأشهر الأخيرة انسحاب شركات دولية بارزة من إيران، أبرزها مجموعة “صافولا” السعودية التي كانت تسيطر على أكثر من 50% من سوق الزيوت النباتية في البلاد.
فقد قامت المجموعة فجأة ببيع رأس مالها ونقل حصتها إلى شركة أخرى. وتبع ذلك تقارير حول احتمال خروج مجموعة “ماجد الفطيم” الإماراتية، المستثمر الرئيسي وراء سلسلة متاجر “هايبر ستار”، من السوق الإيرانية.
واكتسبت هذه التقارير مصداقية أكبر عندما أكد نائب رئيس بلدية طهران للشؤون المالية والاقتصادية نقل ملكية أحد فروع “هايبر ستار” في شارع باكري إلى “بنك شهر”. وقد أعلن البنك لاحقًا استحواذه على هذه الملكية لتسوية ديون مستحقة.
ورغم نفي رئيس اتحاد متاجر السلاسل في إيران، محمد علي خراساني، انسحاب “ماجد الفطيم”، فإن رئيس غرفة التجارة الإيرانية-الإماراتية، فرشيد فرزانکان، أكد ذلك بطريقة غير مباشرة.
وعبر منصة “إكس” للتواصل الاجتماعي، وصف فرزانکان انسحاب العلامات التجارية الأجنبية بأنه “ناقوس خطر للاقتصاد”، متسائلًا عمّا إذا كانت هذه الشركات قد حصلت على معلومات غير متاحة للعامة.
ويضاف إلى ذلك احتمال عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض وفرض عقوبات أشد، مما يزيد من حالة عدم اليقين.
وبحسب “اقتصاد-24″، فإن هذه الظروف مجتمعة ترسل “رسالة خروج” للشركات متعددة الجنسيات. وقد أدى احتمال بيئة تجارية أكثر تقييدًا مع إيران في ظل إدارة ترامب إلى تفاقم المخاوف.
ولا يمثل خروج المستثمرين الأجانب مجرد خسارة رمزية، بل له تداعيات ملموسة على الاقتصاد الإيراني. فالانخفاض في تدفق رأس المال الأجنبي يؤدي إلى تفاقم نقاط الضعف القائمة، ويزيد من تقلبات السوق، ويقوض الجهود المبذولة لتحقيق استقرار اقتصادي.
ويحذر الخبراء الاقتصاديون من أن استمرار هذا الاتجاه سيؤدي إلى مزيد من تراجع الاستثمارات المستقبلية، مما يخلق حلقة مفرغة من الركود الاقتصادي. وكما قال فرزانکان، فإن خروج هذه الشركات يمثل ليس فقط خسارة لرأس المال، بل أيضًا تحذيرًا جوهريًا لإيران لمعالجة تحدياتها الاقتصادية والسياسية.