موقع المجلس:
من ضمن تبعات الهزائم المتعددة التي واجهها نظام الملالي في الآونّة الاخیرة داخلیاُ و خارجیاً تواجه القيادة الإيرانية صعوبات متزايدة في الحفاظ على معنويات قواتها، وهو ما برز بشكل واضح بعد التصريحات الأخيرة بشأن مناورة “قوافل القدس المكونة من 110,000 فرد” التي جرت في طهران. وأقرّ حسن حسن زاده، قائد فرقة “محمد رسول الله” التابعة للحرس النظام في طهران، بأن عددًا كبيرًا من أعضاء حرس النظام وقوات الباسيج رفضوا المشاركة في هذه المناورة، مما يكشف عن تصاعد الاستياء داخل صفوف النظام، وهي ظاهرة يقال إنها بدأت منذ تورط إيران في الحرب السورية.
وقال حسن زاده في تصريحات نشرتها صحيفة “شرق” الحكومية، قبل أن يتم حذف التقرير: «العديد من رفاقنا، الذين خدموا بفخر في الباسيج وحرس النظام ، رفضوا دعوات المشاركة في المناورة». ورغم تقديم النظام لهذه المناورة على أنها جزء من استعداداته لمواجهة التهديدات المحتملة وعمليات مكافحة الإرهاب، إلا أن الحضور الضعيف أثار تساؤلات حول قدرة النظام على الحفاظ على وحدة صفوف قواته.
في مواجهة الاستجابة الباهتة للمناورة، لجأ حرس النظام الإیراني إلى تجنيد المقيمين الأفغان في إيران لتعويض النقص. وأكد حسن زاده أن «ما لا يقل عن 27,000 من الأخوة والأخوات الأفغان المقيمين في إيران سجلوا للمشاركة في المناورة»، في تطور يبرز اعتماد النظام المتزايد على الدعم الخارجي لتعويض ضعف التأييد المحلي.
كما تضمنت المناورة توزيع 110,000 حزمة مساعدات ضمن حملة أطلق عليها اسم “المساعدة المخلصة”، في محاولة لتعزيز الإقبال. ويرى محللون أن هذه الحوافز تعكس حالة عدم الرضا المتزايدة داخل صفوف حرس والباسيج، والتي تفاقمت بفعل فشل حرس النظام الإیراني في الحفاظ على نفوذه الاستراتيجي في سوريا. فبعدما كانت تُعتبر سوريا “المحافظة الإيرانية الـ 35″، أصبحت خسائر النفوذ هناك مصدرًا للإحباط داخل صفوف النظام.
وردّت منصة “مشرق نيوز”، التابعة لجهاز استخبارات حرس النظام الإیراني، بسرعة على تقرير “شرق”، واصفة إياه بأنه “مزيف وغريب ومريب”. واتهمت المنصة التقرير بأنه جزء من حملة أوسع تقودها “أعداء خارجيون” لاستهداف مصداقية القوات المسلحة الإيرانية. وأكدت “مشرق نيوز” على أهمية الدفاع عن “سلطة البلاد الدفاعية” في مواجهة مثل هذه الروايات.
يعكس حذف تقرير “شرق” وردّ النظام العنيف حساسية النظام تجاه التصورات العامة لقوة جيشه. ومع تراجع المعنويات، يعتمد النظام بشكل متزايد على الدعاية والحوافز المادية لتقديم صورة عن الوحدة والاستعداد.
في الثامن من يناير، تناول الولي الفقیة علي خامنئي التحديات المتزايدة التي تواجه رواية النظام. ودعا أنصاره إلى مقاومة اليأس ورفض ما وصفه بـ “دعاية الأعداء”. وقال خامنئي: «علينا أن نحصّن أنفسنا وأفكارنا والرأي العام ضد دعاية الأعداء»، مشددًا على ضرورة مواجهة الادعاءات حول ضعف النظام. كما وجه خامنئي وسائل الإعلام وأنصاره إلى إعطاء الأولوية لتعزيز الأمل في قلوب الشعب، قائلًا: «يجب على كل من يملك منصة إعلامية أو دعائية أن يجعل تعزيز الأمل في قلوب الناس أولوية قصوى. لا يجب التفوه بأي كلمات محبطة».
تكشف التطورات المتعلقة بمناورة “قوافل القدس” عن اعتماد النظام المتزايد على الدعاية والمجندين الأجانب لتعويض تراجع التأييد المحلي. أزمة المعنويات داخل حرس النظام الإیراني والباسيج تعكس استياءً أوسع من سياسات النظام وفشله الاستراتيجي، خاصة في سوريا. ورغم دعوات خامنئي للصمود، فإن تصاعد الإحباط بين أعضاء القاعدة يشكل تحديًا كبيرًا لاستقرار النظام.
وفيما تحاول القيادة الإيرانية مواجهة هذه التحديات الداخلية، يكشف اعتمادها المتزايد على الروايات الدعائية والحوافز المادية عن هشاشة موقفها. ولا يزال من غير المؤكد ما إذا كانت هذه الجهود كافية لاستعادة التماسك داخل صفوف قواتها.