موقع المجلس:
نشرت صحيفة ال إندبندینتی الإسبانية مقالاً يتناول تداعيات سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، موضحة أن هذا الحدث يعكس ضعف النظام الإيراني المتزايد أكثر من كونه مجرد تغير إقليمي. يشير المقال إلى تراجع نفوذ النظام الإيراني داخلياً وخارجياً، مما يهدد استمراريته.
ويبدأ المقال بالإشارة إلى أن “سقوط نظام الأسد الذي دام 54 عامًا يمثل لحظة حاسمة”، ويبرز أنه “يكشف بشكل أوضح هشاشة النظام الإيراني أكثر من أي عوامل إقليمية أخرى”. وعلى مدى أكثر من أربعة عقود، عانى الشعب الإيراني من “ديكتاتورية دينية ألحقت به معاناة هائلة ونشرت الفوضى في أنحاء الشرق الأوسط”. ويرى الكاتب أن قمع الحريات واعتماد النظام على القهر لم يعد مستدامًا.
ومن المحاور الرئيسية في المقال، أن انهيار نظام الأسد يُعد “خسارة استراتيجية عميقة” للنظام الإيراني. فقد اعتمد النظام الإيراني على سوريا كجسر لممارسة نفوذه الإقليمي ودعم حزب الله. ويؤكد المقال أن “سقوط الأسد يكشف مرة أخرى الأزمة العميقة التي يعيشها النظام الإيراني”، معتبرًا ذلك نقطة تحول في مسار انهياره المحتمل.
ويبرز المقال أهمية الأحداث الأخيرة في سوريا التي أظهرت حدود قدرات حرس النظام الإيراني. خلال سقوط حلب، واجه النظام “انسحابًا غير منظم”، حيث أفادت التقارير أن “30,000 من الجنود الموالين للنظام تخلوا عن مواقعهم”. ويُظهر هذا التحول ضعفًا كبيرًا في الروح المعنوية والقدرات العملياتية لحرس النظام، مقارنة بفترة قوته قبل عقد من الزمن عندما لعب دورًا محوريًا في إنقاذ نظام الأسد.
كما يُسلط المقال الضوء على الاستثمارات الهائلة التي خصصتها إيران في سوريا، حيث يشير إلى أن “أكثر من 100,000 جندي ومرتزق من حرس النظام الإيراني كانوا يعملون في سوريا في عام 2017”.
ويضيف أن النظام الإيراني أنفق “مليارات الدولارات على البنية التحتية العسكرية وتغيير التركيبة السكانية”، مما أدى إلى تهجير السكان قسرًا لتثبيت نفوذها الاستراتيجي. ومع ذلك، فإن هذه الاستثمارات استنزفت الموارد المالية للنظام، مما زاد من أزمته الاقتصادية.
ومن النقاط الأساسية الأخرى، تآكل هيمنة الوليالفقیة علي خامنئي. يشير المقال إلى أن النظام الإيراني اعتمد لفترة طويلة على “تصدير الحرب والإرهاب” لإخفاء ضعفه الداخلي. لكن خسارة سوريا تقوض هذه الاستراتيجية، وتعرض النظام لـ “معارضة داخلية وشروخ في بنيته السلطوية”. ويضيف الكاتب أن “هيمنة خامنئي لا تستند إلى شرعية شعبية، بل إلى القهر والسيطرة”، وهي الآن مهددة بشكل غير مسبوق.
كما ينتقد الكاتب قرار خامنئي بإشعال الحرب في 7 أكتوبر، واصفًا إياه بأنه “خطأ استراتيجي كارثي”. فقد كان الهدف من هذه الخطوة قمع الانتفاضات الداخلية، لكنها جاءت بنتائج عكسية، حيث كشفت عن ضعف النظام وعجزه عن السيطرة على الأحداث. ويصف الكاتب الوضع الحالي بأنه “مستنقع أظهر بوضوح حالة عدم الأمان التي يعاني منها النظام”.
ويعتبر المقال سقوط الأسد “ليس مجرد حدث إقليمي، بل نقطة تحول عالمية”. بالنسبة للنظام الإيراني، يمثل هذا السقوط انهيارًا لركيزة أساسية من ركائز نفوذه. وبالنسبة للشعب الإيراني، فإن التأثير النفسي لهذا الحدث “دليل ملموس على أن النظام ليس بالقوة التي يدعيها”.
ويستشهد المقال بمريم رجوي، رئيسة الجمهورية المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، التي صرحت بأن “أيام النظام الإيراني معدودة”. إن الانهيار السريع لنظام الأسد قد رفع معنويات المعارضين الإيرانيين ووحدات المقاومة داخل البلاد. ويشير المقال إلى أن المجلس الوطني للمقاومة الإیرانیة يرى في هذا التطور دافعًا للإيرانيين للتجرؤ على تحدي النظام، رغم المخاطر.
ويختتم المقال بالإشارة إلى التشابه مع تاريخ إيران ذاته. وكما انهار نظام الشاه رغم الدعم الدولي، فإن النظام الحالي يواجه ضغوطًا داخلية ودولية متزايدة. والهتافات التي ترددها الاحتجاجات مثل “الموت للظالم، سواء كان الشاه أو الوليالفقیة”، تعكس رفضًا جماعيًا للطغيان القديم والجديد، ورغبة في مستقبل ديمقراطي. ومع ظهور ضعف النظام بشكل متزايد، يرى الكاتب أن “طريق الحرية والديمقراطية في إيران يزداد وضوحًا وزخمًا”.
يقدم مقال إل إندبندينتي قراءة شاملة توضح الترابط بين سقوط الأسد، وازدياد ضعف النظام الایراني، وتعاظم قوة المعارضة الإيرانية.