إسقاط بشار الأسد وضع خامنئي في مواجهة السقوط
بقلم -حسين داعي الإسلام:
رغم مرور ما يقارب شهرًا على تطورات سوريا، ما زلنا نشهد التأثيرات الواسعة لهذه الأحداث في المنطقة بأسرها، وبالطبع على المستوى العالمي. من هنا، يصبح من الضروري جدًا أن نفهم كيف وقعت هذه التطورات، وما هي العوامل التي أدت إليها، وما العلاقة بين هذه الأحداث وسقوط بشار الأسد في سوريا وبين وضع النظام الكهنوتي في إيران؟
خامنئي، في بداية الحرب، كان يسعى إلى تغيير خريطة المنطقة عبر ما سماه “قوات المقاومة”، أي وكلائه. لكن الآن، ما هو وضعه؟ وما كان الدور الحقيقي للنظام الإيراني في سوريا؟ وما هي العواقب المترتبة عليه بعد خسارة هذه الفرصة؟
الواقع أن إسقاط الديكتاتورية السورية وانهيار جبهة النظام الإيراني في سوريا أظهر بوضوح أن النظام الكهنوتي في إيران قد وُضع في مواجهة السقوط الحتمي.
باختصار: ماذا حدث في سوريا؟
يمكن تلخيص الأحداث في سوريا بجملة واحدة: سقوط الديكتاتورية السورية كشف بوضوح أزمة السقوط التي يعاني منها النظام الكهنوتي الحاكم في إيران. هناك ارتباط وثيق جدًا بين سقوط دكتاتورية الأسد ومستقبل النظام الإيراني، ما يجعل هذا الأمر ذا أهمية بالغة ويستحق التحليل العميق.
تكمن أهمية هذا الموضوع في أن نظام الأسد كان يُدار ويُسيطر عليه بالكامل من قِبل النظام الإيراني، لذا فإن سقوط ديكتاتورية الأسد يرتبط ارتباطًا مباشرًا بالوضع الحالي للنظام الإيراني. وهنا يبرز السؤال: لماذا، رغم جميع الإمكانيات والقوات والبنية التحتية التي امتلكها في سوريا، فشل النظام الإيراني في الحفاظ على بشار الأسد؟
وبناءً على ذلك، إذا أردنا تلخيص سقوط الأسد في نقاط رئيسية:
اولا- سقوط بشار الأسد يُعدّ أثقل هزيمة لخامنئي ونظامه.
ثانيا- هذا الحدث كشف عن الوضع الحقيقي وقدرات النظام الإيراني.
ثالثا- له تأثير مباشر على بقاء النظام، حيث يسرّع من عملية سقوط خامنئي ونظامه.
ما أهمية سوريا بالنسبة للنظام الإيراني؟
يرى البعض أن سوريا كانت بمثابة ممر استراتيجي للنظام الإيراني لنقل الأسلحة من العراق إلى سوريا ومن هناك إلى لبنان. ومع فقدان سوريا، خسر النظام قدرته على نقل الأسلحة والذخائر إلى لبنان ودعم حزب الله، مما يجعل إعادة بناء قدرات حزب الله أمرًا صعبًا للغاية.
ورغم صحة هذا الرأي، إلا أنه ليس جوهر القضية. فعند التعمق أكثر نجد أن النظام الإيراني فقد أحد أعمدة بقائه الأساسية. لذلك، لا يمكن وضع سوريا في نفس المستوى مع أي قوة وكيلة أخرى للنظام، لأن دورها كان أكبر بكثير.
لإثبات ذلك، يكفي النظر إلى المسار الذي سلكه النظام الإيراني والتكاليف الهائلة التي دفعها للحفاظ على سوريا على مدى السنوات الماضية. يمكن القول إن سوريا كانت تلعب دورًا فريدًا في استراتيجية إشعال الحروب التي يتبعها النظام. وكان هناك ارتباط وثيق بين سوريا وبقاء النظام الإيراني. ولكن الآن، هذه الروابط قد انقطعت، وأهم ركن من أركان استراتيجية الحروب التي يتبعها النظام في المنطقة قد انهار.
ما كان موقف المقاومة الإيرانية من هذه التحولات؟
في اليوم نفسه، 7 أكتوبر 2023، حينما بدأ خامنئي هذه الحرب، صرّح مسعود رجوي، زعيم المقاومة الإيرانية، بأن “أكبر خاسر استراتيجي لهذه الحرب هو خامنئي.” وقد تحقق هذا التوقع بعد 14 شهرًا، في 18 ديسمبر 2024 ، مع سقوط نظام الأسد. واليوم، يعترف العالم أجمع بهذه الحقيقة.
متى بدأت علاقة النظام الإيراني بسوريا وكيف تطورت؟
علاقة النظام الإيراني بالحكومة السورية التي سقطت ليست جديدة، فقد تعمقت هذه العلاقة خلال الحرب الإيرانية العراقية. في ذلك الوقت، كان حافظ الأسد الحاكم العربي الوحيد الذي دعم خميني، مما أسس لعلاقة استراتيجية بين النظامين منذ عهد حافظ الأسد. لقد كانت سوريا أهم حليف للنظام الإيراني في المنطقة.
مع بداية الربيع العربي وتصاعد الثورة في سوريا التي تحولت إلى حرب أهلية، استغل النظام الإيراني الوضع في عام 2011 لتوسيع نفوذه وترسيخ أركان الإجرام وإشعال الحروب داخل سوريا، وبلغ هذا النفوذ ذروته مع مرور الوقت.
هل ارتكب خامنئي خطأً بدخوله سوريا؟ وهل كان ذلك مجرد حماقة؟
لإقناع قواته بمهمة القتال في سوريا، برر خامنئي ذلك مرارًا بالقول: “إذا لم نقاتل في سوريا، سنضطر للقتال في مدننا.”
وهنا يتضح أن المقصود بالعدو الذي كان سيقاتله خامنئي داخل إيران هو الانتفاضة وشباب الانتفاضة الإيرانيين، الذين قاوموا النظام وما زالوا يقاومونه.
بالتالي، دخول سوريا كان بهدف حماية النظام وضمان بقائه، وليس لأسباب أخرى.
خامنئي: “ذهبنا إلى سوريا لمحاربة داعش” – أي تصريح هو الصحيح؟
بعد سقوط بشار الأسد، غيّر خامنئي روايته وقال إن وجودهم في سوريا كان بهدف محاربة داعش. لكن هذا الادعاء محض كذب، حيث يعلم الجميع أن حرس النظام الإيراني دخل سوريا عام 2013 قبل ظهور تنظيم داعش. المهمة الحقيقية كانت مواجهة الشعب السوري والثوار الذين سعوا لإسقاط نظام بشار الأسد.
لو كان حديث خامنئي عن محاربة داعش صحيحًا، لكان من المنطقي انسحاب قواته بعد انتهاء وجود داعش. لكن ما حدث هو العكس، إذ بدأ نفوذ قوات خامنئي والحرس يتوسع أكثر بعد القضاء على داعش.
لذلك، وبالاستناد إلى تصريحاته الصريحة، يتضح أن وجود النظام الإيراني في سوريا كان مرتبطًا مباشرةً بمصالحه وبقائه. لم تكن سوريا مجرد ممر لدعم حزب الله، بل كانت درعًا يحمي النظام الإيراني من انتفاضات الشعب الإيراني. واليوم، مع انهيار هذا الحاجز، أصبح النظام الإيراني أكثر عرضة للانتفاضات الداخلية.
يتبع