الإيرانيون يعيشون أوضاعا أسوأ من أوضاعهم عهد الشاه.
میدایست اونلاین- منی سالم الجبوري:
عندما سقط نظام الشاه في عام 1979، وأقيم على أنقاضه النظام الحالي، فقد أطلق هذا النظام العديد من الشعارات التي بهرت العالمين العربي والاسلامي، ولكن كان هناك شعار شدد عليه هذا النظام كثيرا ولاسيما بعد أن ورد مرارا وتكرارا على لسان مؤسس النظام الخميني، هذا الشعار أكد على إن إيران أصبحت بلدا وملاذا لنصرة مستضعفي العالم بعد أن تم إسقاط النظام الملكي الذي بالغ في إسرافه في الترف والملذات، والذي جعل الكثيرون يثقون بهذا الشعار، إنه كان ذو مضمون عقائدي.
في البداية سعى هذا النظام كثيرا إبداء الحرص على مظاهر الزهد والتعفف للتأكيد على إنه يختلف عن سلفه جذريا وإنه على العكس منه سيعمل على تحسين الحياة المعيشية للشعب الايراني بصورة عامة ولاسيما للفقراء والمحرومين منهم بصورة خاصة ومن المفيد هنا التنويه بأن الخميني لم يعد الشعب الايراني وخصوصا الفقراء والمحرومين بتوفير دور سكنية لهم، بل وحتى وعدهم بمنحهم حصصهم من موارد البترول.
هذا الشعار العقائدي الطنان، وإن تم التشكيك به الى حد ما خلال عهد الخميني، غير إنه ومع عهد خليفته خامنئي قد بدأ الستار يزاح أكثر فأكثر عن حالة الكذب والتمويه والخداع الذي يقوم قادة النظام ومسؤوليه والبطانة المقربة من النظام بإستخدامه من أجل التستر على ثرواتهم الفلكية وأوضاعهم المعيشية غير العادية قياسا ليس الى عامة الشعب الايراني فحسب، بل وحتى الى طبقة الاغنياء، ولاسيما بعد أن بدأت المعلومات الصادمة عن الثروات الفلكية والامتيازات الاستثنائية الممنوحة لهم تنكشف رويدا رويدا.
في مقال ملفت للنظر، تم نشره في صحيفة “جمهوري اسلامي” الايرانية في 25 نوفمبر 2024، تحت عنوان “اخشوا ثورة جيش الجياع” والذي تم فيه توجيه تحذير الى قادة النظام الايراني جاء فيه:” يصبح الوضع الاقتصادي كل يوم أكثر سوءا، الفقراء أفقر، والأغنياء أغنى، والطبقة الأرستقراطية التي غمرتنا في وحلها تصبح أكثر انتشارا.” ويشير المقال الى أن الطبقة الأرستقراطية الجديدة “تعيش في قصور تفوق قصور الشاه المخلوع وعائلة الملكية فخامة”، ويضيف “ما يزعج ويثير القلق هو أن هذه الحياة الباذخة تظهر أمام أعين الفقراء الذين يعانون لتوفير قوت يومهم”.
في ختام المقال يتم توجيه التحذير بصورة أكثر من واضحة لقادة النظام، عندما يشدد المقال بقوله “أدنى نتيجة لوجود مثل هذه المجتمعات التي تفيض بالتمييز والفجوات الطبقية هي الاستياء العام. النتيجة هي تراكم الغضب المكبوت في صدور الفقراء، وسيتحول هذا الغضب في يوم ما إلى بركان. سيقود جيش المحرومين والجياع ضد من تسببوا في هذه الظلم، ولن يكون لهذا سوى اسم واحد، وهو ثورة جيش الجياع. أليس من الخوف من مثل هذه الثورة؟”
الملاحظة المهمة هنا والتي يجب أن تؤخذ بنظر الاعتبار، إن الصحيفة المحسوبة على النظام حرصت كثيرا على أن تجعل قادة النظام ومسؤوليه خارج طبقة الاغنياء، لكن نذكر هنا بأن الرئيس الايراني الراحل هاشمي رفسنجاني قد مات غرقا في مسبح قصره الخاص! ناهيك عن ما يعيشه أبناء القادة والمسؤولين في النظام الايراني من حياة ترف وبذخ في بلدان الغرب ولاسيما في البلد الذي يسمونه بالشيطان الاكبر.
السؤال الذي لا مناص من طرحه: ما الذي تغير في أوضاع الفقراء والمحرومين في إيران بعد مجيء الخميني ونظامه، ألم تصبح أوضاعهم المعيشية أسوأ بكثير من السابق؟ بل والاكثر سخرية من ذلك إن نظام المستضعفين والمحرومين صار يخشى من ثورة الجياع ضده.