لانتفاضة تشرين الثاني (نوفمبر) 2019-
ایلاف – مهدي عقبائي:
في الذكرى الخامسة لانتفاضة تشرين الثاني (نوفمبر) 2019، يواجه النظام الإيراني أزمة اجتماعية واقتصادية عميقة تفاقمت بسبب استراتيجيات المرشد علي خامنئي الإقليمية المتهورة. بعد الانتفاضة الوطنية لعام 2022، أطلق خامنئي حربًا إقليمية لصرف الانتباه عن الأزمات الداخلية المتزايدة. ومع ذلك، وبعد مرور عام، أصبح النظام أكثر هشاشة من أي وقت مضى، في ظل تدهور الاقتصاد وخسائر فادحة في صفوف قواته.
التحديات الاقتصادية الحالية أعادت إلى الذاكرة مخاوف النظام من احتجاجات جديدة مشابهة لتلك التي اندلعت في 2019 و2022. وقال حسين راغفر، أستاذ الاقتصاد في جامعة الزهراء: “نواجه خطر احتجاجات شبيهة بما حدث في تشرين الثاني (نوفمبر) 2019 وخريف 2022. كانت أحداث تشرين الثاني (نوفمبر) 2019 نتيجة تراكمية للإحباطات والإهانات التي تعرض لها الشباب الإيراني”. هذه التصريحات تُظهر تزايد الإحباطات في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة، مثل ارتفاع الأسعار، وتخفيض الخدمات الأساسية، والغضب الشعبي.
في 12 تشرين الثاني (نوفمبر)، أعلنت حكومة مسعود پزشكيان عن إمكانية استيراد البنزين عالي الجودة بأسعار غير مدعومة، مما قد يؤدي إلى زيادات جديدة في أسعار الوقود. وأكدت المتحدثة باسم الحكومة، فاطمة مهاجراني، أن الواردات “منفصلة عن البنية التحتية لتوزيع الوقود المدعوم”، لكنها اعترفت بوجود تباينات كبيرة في إمدادات الطاقة. وقالت مهاجراني: “تلتزم الحكومة بضمان الصحة العامة، وتقليل استهلاك الوقود رغم انقطاع الكهرباء ومعالجة هذا الخلل”. المراقبون يرون أن هذه الخطوات هي محاولة لتجنب تكرار أحداث 2019، حين اندلعت احتجاجات بسبب زيادة مفاجئة في أسعار الوقود.
وفي تصريح آخر، تحدث رئيس النظام الإيراني، مسعود پزشكيان، عن عدم استدامة دعم الوقود، قائلاً: “من غير المعقول أن تستورد الحكومة البنزين بسعر الدولار في السوق الحرة وتبيعه بأسعار مدعومة”. وأضاف: “حكومة غير قادرة على تمويل الأدوية والقمح والمعاشات التقاعدية لا يمكنها تحمل شراء البنزين بـ 50,000 ريال وبيعه بـ 10,000 ريال”.
تستمر قائمة الأزمات التي يواجهها النظام الإيراني في التوسع: الفساد المنهجي، القمع السياسي، تدهور البيئة، التضخم المتسارع، هيمنة الحرس الثوري الإيراني على الاقتصاد، بالإضافة إلى هجرة العقول، انهيار العملة، تلوث الهواء والمياه، نقص الغذاء والدواء، وارتفاع معدلات البطالة. بالنسبة للكثير من الإيرانيين، باتت هذه الأزمات تمثل “80 مليون سبب” للتغيير.
في الذكرى السنوية لانتفاضة تشرين الثاني (نوفمبر) 2019، تم تكريم شهداء هذه الانتفاضة بتنظيم 150 فعالية ثورية في مدن إيرانية مختلفة، نفذتها وحدات المقاومة التابعة لمنظمة مجاهدي خلق. تضمنت الأنشطة عرض صور لقادة المقاومة، مسعود ومريم رجوي، وكتابة شعارات ثورية على الجدران.
عالميًا، شهدت العديد من المدن الكبرى مظاهرات نظمها أنصار المقاومة الإيرانية والمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية. امتدت هذه المظاهرات إلى برلين، بريمن، كولن، دوسلدورف، فرانكفورت، هامبورغ، وغيرها من المدن في ألمانيا، بالإضافة إلى تجمعات في أوسلو، لاهاي، سيدني، تورونتو، باريس، مالمو، روما، بازل، وغيرها من المدن.
وفي رسالة موجهة إلى أبطال وحدات المقاومة، أشاد مسعود رجوي، زعيم المقاومة الإيرانية، بما حققوه من عمليات ضد القمع وفعاليات ثورية بمناسبة الذكرى السنوية لانتفاضة تشرين الثاني (نوفمبر) الكبرى، التي تمثل انتفاضة الشعب الإيراني من أجل الحرية والعدالة.
بالتزامن مع تصاعد الضغوط الدولية والمحلية، يبدو أن قادة النظام يدركون هشاشة موقفهم، إذ تكشف محاولاتهم للتخفيف من آثار السياسات الاقتصادية عبر الشائعات والإعلانات المنسقة عن دروس مستفادة من رد الفعل الشعبي العنيف في 2019. ومع استمرار النظام في اختبار ردود فعل السكان قبل اتخاذ قرارات اقتصادية كبيرة، يبدو أن هذه التدابير قد لا تكون كافية في مواجهة الأزمات المتصاعدة.
على الصعيد الداخلي، يتردد صدى التحدي في الشوارع مع هتافات مثل “نتحداك رجالًا ونساءً يا نظام الملالي”. ومع ضعف قواته الإقليمية وتراجع استراتيجيته، يواجه خامنئي جيلًا شابًا أكثر غضبًا وأكثر تصميمًا على المقاومة، تقوده وحدات المقاومة التابعة لمنظمة مجاهدي خلق، ليكون هذا الجيل على استعداد لتحويل هذه اللحظة إلى نقطة تحول حاسمة في تاريخ إيران.