صورة للاحتجاجات في ایران-آرشیف-
الحوار المتمدن-سعاد عزيزکاتبة مختصة بالشأن الايراني:
مهما قال وزعم القادة والمسٶولون في نظام الملالي أو من يسايرهم ويسعى لکسب ودهم لمآرب معينة، فإن الاوضاع في البلاد لن تبقى على حالها المعهود ولاسيما وإننا لو دققنا النظر لوجدنا أن الاوضاع الحالية هي أوضاع قلقة وغير مستقرة ومعرضة للتغيير القسري على الضد من إرادة ورغبة النظام الاستبدادي، ولعل أهم ملاحظة نوعية على هذه الاوضاع من حيث کونها قلقة وفي حالة حرجة، إنه الى جانب حالة الفقر المتزايدة والتي لايستطيع النظام إنکارها، فإن الطبقة الوسطى في ظل هذا النظام يکاد أن يتلاشى، وهو ما يعني إن الفقر والحرمان سيتجاوز الخطوط الحمراء ويجعل الامن الاجتماعي مهددا بصورة غير عادية.
ليس الفقر وحده ما يعاني منه الشعب الايراني وإن کان الاهم في الدفع بإتجاه التحرك ضد النظام، لکن هناك القمع والاعدامات المتزايدة أيضا والتي لم تشهد حتى نوعا من التخفيف في عهد بزشکيان الذي قالوا عنه الکثير، إذ تم تنفيذ 440 حکم إعدام خلال 100 يوم من حکمه، وإن الضغط المتزايد المصحوب بممارسات قمعية ضد الشعب الايراني عموما وضد شريحتي الشباب والنساء خصوصا، جعلت وتجعل الحياة في ظل هذا النظام القرووسطائي جحيما لا يطاق ولاسيما وإن الشعب يرى ويلمس کيف إن شريحة رجال الدين والاجهزة القمعية تحظى بإهتمام ورعاية خاصة على حسابه وحساب الاجيال القادمة.
الاوضاع القلقة والحرجة في إيران بعد 45 عاما من الحکم الديني الاستبدادي، لم يعد بوسع النظام التغطية والتستر عليها أو حتى إنکارها بل وحتى إن الخوف والتحسب من العواقب المحتملة من وراء هذه الاوضاع صار هاجسا في داخل أوساط النظام، وبهذا الصدد وفي تحذير صريح للنظام الإيراني، أعرب حسين راغفر، الاقتصادي الحکومي، عن قلقه العميق بشأن إمكانية تصاعد الاحتجاجات بشكل يذكر بتلك التي شهدتها البلاد في نوفمبر 2019. وحذر من أن المشاكل الاجتماعية غير المحلولة قد تؤدي إلى تظاهرات أكثر شدة هذه المرة.
الملفت للنظر في تحذير راغفر، إنه يرجع أسباب وأصول الاستياء إلى أعمال شغب كبيرة بدأت في وقت مبكر من عام 1994 في مدينة مشهد، حيث تسببت أعمال الهدم التي قامت بها البلدية للمنازل غير المرخصة في سقوط ضحايا بين السكان. وأشار قائلا: “قبل نوفمبر 2019، كان هناك حوالي 80 حادثة من هذا القبيل في البلاد.” لطالما كان اليأس الاقتصادي وعدم المساواة الاجتماعية أرضا خصبة للاضطرابات المدنية في مختلف المدن الإيرانية. وتميزت احتجاجات نوفمبر 2019 بمقياسها ومدى الدمار الذي خلفته. “كان المشاركون الرئيسيون شبابا جدا، تتراوح أعمارهم بين 15 و20 عاما،” كما أوضح راغفر. وحدد عدم الرضا الاقتصادي الناجم عن عدم المساواة النظامية التي فرضتها سياسات الدولة كالمحفز الأساسي لهذه المظاهرات. وقد تفاقمت هذه المظالم بمعدل البطالة العالي بين الشباب، حيث ينظر إلى 26% من السكان في الفئة العمرية من 15 إلى 24 عاما كقوة دافعة وراء الاحتجاجات.”