موقع المجلس:
في المشهد السياسي والاجتماعي المعقد في إيران، تبرز انتفاضة نوفمبر 2019، المعروفة باسم “انتفاضة آبان”، كلحظة فاصلة تركت تأثيرات استراتيجية مستمرة تؤثر على النظام والمجتمع. يستعرض هذا التقرير التحولات العميقة والآثار الدائمة لهذه اللحظة المائزة في التاريخ المعاصر لإيران.
قمع الاحتجاجات في ایران
في 15 نوفمبر 2019، أدى ارتفاع مفاجئ في أسعار الوقود إلى اندلاع احتجاجات واسعة النطاق في أكثر من 193 مدينة إيرانية. وسرعان ما تصاعد غضب الجمهور، موجهاً ضربة قوية ضد أركان السيطرة الثيوقراطية والفساد المنظم تحت نظام الملالي. وقد أدى اندلاع هذه الاحتجاجات، التي تميزت بحيويتها الشبابية وتوسعها السريع، إلى دفع الحكومة إلى حافة الانهيار خلال يومين فقط.
ومرت خمس سنوات منذ ذلك الحين، وأصبحت تداعيات انتفاضة نوفمبر واضحة بشكل متزايد، حيث تلقي بظلالها الطويلة على التفاعلات بين الشعب الإيراني والحكام الدينيين. لم تكن الانتفاضة مجرد احتجاج ضد سوء الإدارة الاقتصادية والقمع السياسي فحسب، بل كانت دعوة أوسع للتغيير النظامي، الذي شكل حركات لاحقة وانتفاضات أخرى، لا سيما تلك التي حدثت من سبتمبر إلى ديسمبر 2022.
تتميز انتفاضة نوفمبر 2019 بخصائص هامة:
1. التركيز المزدوج: استهدفت الانتفاضة كلاً من القمع السياسي والفساد الاقتصادي الجوهري في النظام، مما يسلط الضوء على المشكلات الهيكلية التي تستمر في إثقال كاهل إيران.
2. الكفاح المستمر: أدت الآثار السياسية والاجتماعية للانتفاضة إلى صراع لا نهائي بين الشعب والنظام، تطور إلى أشكال أكثر تنظيماً من المقاومة.
3. الشرعية والاضطراب داخل النظام: استمتعت الاحتجاجات بشرعية واسعة بين الجمهور مما تسبب في اضطرابات كبيرة داخل نظام الملالي، مما أدى إلى الصراعات الداخلية والصراعات على السلطة، وخاصة التأثير على موقف الوليالفقیة علي خامنئي.
4. الشباب والغضب الاجتماعي: كانت الانتفاضة مدعومة بشكل كبير من قبل السكان الشباب، الذين كانت استياءهم المتزايد يتصاعد تحت السطح لسنوات.
5. الدعوة لحقوق الإنسان: أدى القمع العنيف خلال الانتفاضة، الذي نتج عنه حوالي 1500 حالة وفاة كما ذكرت منظمات حقوق الإنسان، إلى عفو الدولي intensify كثافة الرقابة الدولية والمحلية على سجل إيران في مجال حقوق الإنسان.
ولعبت القيادة والمشاركة النشطة للنساء في انتفاضة آبان دورًا كبيرًا في تمزيق قوانين وممارسات النظام المعادية للمرأة، مما أبرز دور النساء في مكافحة الديكتاتورية الدينية. ولم يغير هذا من المشهد الاجتماعي والسياسي في إيران فحسب، بل ارتبط أيضًا بحركات أوسع ضد القمع ومن أجل المساواة.
ولقد تجاوز مصطلح انتفاضة نوفمبر”آبان” مكانته في التقويم الإيراني، ممثلاً الكفاح المستمر من أجل الحرية والعدالة.و يمثل الصمود والروح المستمرة للشعب الإيراني في سعيهم لإسقاط نظام بُني على اليأس الذي صنعه نظام الملالي. وصدى هذا الشعور في صحيفة اعتماد الحكومية في نسختها من نوفمبر 2020، قائلة: “آبان لا ينتهي. بين الحين والآخر، تفتح جروح تلك الأيام الكارثية مجدداً، معذبة روح المجتمع”.
ورداً على الانتفاضة وتأثيرها الواسع، اعتمد خامنئي بشكل متزايد على استراتيجيات متشددة، بما في ذلك تعيين شخصية متطرفة (إبراهیم رئيسي الهالك) كرئيس للجمهورية، مما يشير إلى استمرار الاعتماد على الإجراءات القمعية للحفاظ على السيطرة.
نتيجة لذلك، لم تشكل انتفاضة نوفمبر 2019 الديناميكيات الحالية بين الشعب الإيراني والنظام الديني فحسب، بل أيضاً أعدت المسرح لإعادة هيكلة السلطة لا مفر منها. يعد هذا الصراع المستمر، المعزز بنتائج الانتفاضة، عنصراً حاسماً في الإطاحة المحتملة بالحكم الثيوقراطي في إيران. وبالتالي، يستمر إرث نوفمبر 2019 في إلهام ودفع السعي لإيران متوازنة وعادلة.