يوحي النظام الإيراني أن البدائل المتاحة عن بقائه قد تكون خيارات أسوأ للغرب. لا يريد أن يجيب على تساؤل بسيط: من أتى بكل هذه الفوضى للمنطقة إذا؟
میدل ایست اونلاین- منی سالم الجبوري:
رجال دين إيرانيون يمرون بالقرب من سور السفارة الأميركية في طهران
دعاية على جدران السفارة الأميركية في طهران: وهل تغير شيء منذ 45 عاما
وفسر الماء بالماء! هذا هو حال النظام الايراني وهو يبحث عن ثمة مخرج له من المأزق العويص الذي وجد نفسه في داخله بعد أحداث السابع من أكتوبر 2023، وحتى إن التصريحات ذات التلميح المفهوم تماما نظير التصريحات التي أدلى بها علي أكبر ولايتي، مستشار خامنئي للشٶون الخارجية ووزير الخارجية السابق لصحيفة الفاينانشيال تايمز البريطانية وبشكل خاص عندما أكد أن “طهران منفتحة على التعاون مع أي دولة غربية تسعى إلى تفاعل حقيقي معها، بشرط أن تحترم سيادتها”، وإضاف “نعمل بنشاط على إعادة تحديد التوازن الجديد في العلاقات مع الدول الغربية والشرقية والنامية”.
تصريحات ومواقف الرئيس الايراني مسعود بزشكيان في نيويورك وكذلك ما يصرح به وزير الخارجية عباس عراقجي وما يتسرب ويستشف من تصريحاته ومن جولاته، تبدو جميعها في خطها العام غير مسبوقة، والنظام الايراني يعلم جيدا بأن الخطأ غير المسبوق الذي إرتكبه من حيث الحسابات التي بناها على هجمة السابع من أكتوبر 2023، والتي ولأسباب وظروف متباينة، تجاوز فيها الخط الاحمر في التوازن العالمي الحالي، قد كلفته كثيرا وإن آثار وتداعيات هذه الكلفة ستتضاعف وحتى لن تكون محدودة ما لم يتصدى لها وقطعا فإن التصدي هنا لن يكون بالمواجهة كما يمكن أن يفهم البعض وإنما بالانبطاح، وهو ما يمكن إستخلاصه وفهمه من كل ما قد جاء على لسان المسٶولين الايرانيين الذي ألمحنا إليهم آنفا.
النظام الايراني الذي ملأ الدنيا صراخا بشعاراته الحماسية من حيث عزمه على محو إسرائيل ومواجهة الولايات المتحدة وحتى جعل البيت الابيض حسينية، فإن معظم البوادر والمٶشرات لاتدل على إنه يسعى أو يسير بهذا الاتجاه بل وعلى العكس من ذلك، أي بإتجاه الانبطاح ولكن شريطة حفظ ماء الوجه، ذلك إن ما حدث وتداعى عن الخطأ القاتل في حساباته بشأن أحداث السابع من أكتوبر، يمكن القول وبثقة بالغة، هو وضع مختلف تمام الاختلاف عن كل ما قد حدث في أي فترة أخرى خلال الـ 45 عاما الماضية، ذلك إن من أهم آثار وتداعيات هذا الخطأ هو إن الركيزتين الاساسيتين التي يعتمد عليهما النظام من حيث بقائه، ونقصد القمع الداخلي والتدخلات الاقليمية، قد تلقتا ضربة غير مسبوقة زعزعت النظام وجعلته مضطربا أكثر من أي وقت مضى. ولذلك فإننا نرى بأن النظام الايراني يسعى خلال الفترة الحالية أن يولد قناعة لدول العالم والمنطقة بأن بقائه أفضل وإن رحيله سيٶدي الى حدوث ليس فراغ فقط بل وحتى توتر وإضطرابات تنعكس على بلدان المنطقة والعالم سلبا، وهو من خلال هذا الطرح يسعى للقول بأنه ليس هناك من بديل سياسي يمكن أن يملأ فراغه وهذا هو إدعاء واه ومخادع وكأنه يريد أن يقول بأن معظم الانتفاضات التي إندلعت ضده كانت عشوائية وعن طريق الصدفة، في وقت نريد أن نشير الى تصريح واحد ملفت للنظر من جانب الولي الفقيه خامنئي، والذي يثبت كذب زعم عدم وجود بديل له عندما إتهم منظمة مجاهدي خلق الایرانیة، بعد 13 يوما من الاحتجاب على أثر إنتفاضة أواخر عام 2017، بأنها كانت وراء هذه الانتفاضة تخطيطا وتنفيذا ومشاركة!
بيد إنه مع ذلك، فإن الحقيقة التي لا مجال لإنكارها إطلاقا هي إنه ومنذ اليوم الذي جاء فيه هذا النظام إنهالت وتنهال المصائب والازمات على شعوب وبلدان المنطقة والجميع صاروا يعلمون بأن سبب كل هذا المصائب من النظام القائم في طهران ولاسيما وإنه يصر على التمسك بنهجه وعدم التخلي عنه حتى لو دارت الدوائر أكثر مما حدث وجرى.