موقع المجلس:
أصدرت جمعية حقوق الإنسان في إيران (كانون حقوق بشر ايران) مؤخرًا تقريرًا مفصلًا حول الظروف اللاإنسانية وممارسات التعذيب المنهجية في سجن إيفين في طهران. ويُعد هذا السجن سيئ السمعة بسبب معاملته للمعتقلين، وقد تعرض لانتقادات شديدة من منظمات حقوق الإنسان الدولية. وفقًا للتقرير الذي نُشر يوم الاثنين، 28 أكتوبر 2024، يُعد سجن إيفين مكانًا لانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، تشمل الإساءات الجسدية والنفسية، وغياب الرعاية الطبية، والاكتظاظ، واستغلال السجناء.
ووصف التقرير ظروف سجن إيفين بأنها قمعية، حيث يستغل المسؤولون في السجن الموارد الأساسية لتحقيق مكاسب شخصية. وأبرز التقرير أحد النقاط الأساسية التي تتعلق بابتزاز السجناء الأثرياء؛ حيث يفرض المسؤولون في السجن رسومًا على السجناء من أجل الحصول على امتيازات ضرورية، مثل وقت إضافي في المطبخ، أو الحصول على غرف هادئة، أو اختيار زملاء الغرفة. ويتم بيع هذه الامتيازات بمبالغ كبيرة، مما يعمق الفجوة بين السجناء ويزيد من ثراء المسؤولين.
كما يُسلط التقرير الضوء على مشكلة الاكتظاظ الشديد في سجن إيفين. حيث يتم حشر السجناء في زنازين مكتظة، مما يضطر بعضهم للنوم على الأرض دون الحصول على مرافق صحية كافية. ويؤدي هذا الاكتظاظ إلى الحد من إمكانية الوصول إلى الهواء الطلق ومساحات الترفيه، مما يزيد من الضغط النفسي والاكتئاب بين السجناء، وهو ما يزيد من تدهور الصحة العقلية للكثيرين.
وتفتقر مرافق الرعاية الصحية والنظافة إلى الحد الأدنى من المتطلبات اللازمة. ووفقًا لتصريحات من السجناء ومنظمات حقوق الإنسان، فإن الوصول إلى الرعاية الصحية محدود للغاية. حتى الذين يعانون من حالات شديدة، مثل السكري وأمراض القلب والاكتئاب، غالبًا ما لا يحصلون على العلاجات أو الأدوية الضرورية. وتُعد مرافق الرعاية الصحية داخل السجن غير مجهزة لمعالجة الحالات المزمنة أو الحادة، مما يؤدي إلى تدهور الحالات الصحية للسجناء بشكل يمكن تجنبه. وتزداد هذه الأزمة سوءًا بتعمد تأخير أو منع المسؤولين عن السجن وصول الأدوية الضرورية التي توفرها عائلات السجناء، بدعوى مخاوف أمنية لا أساس لها.
ويتناول التقرير أيضًا أساليب التعذيب وأساليب الضغط النفسي المفروضة على السجناء، بما في ذلك السجناء السياسيين والنشطاء الحقوقيين والصحفيين. ووفقًا لتقرير جمعية حقوق الإنسان في إيران، يُجبر السجناء في إيفين على الخضوع لجلسات استجواب طويلة، والتهديد، والحرمان من النوم. تهدف هذه الممارسات إلى انتزاع اعترافات من السجناء، باستخدام العزل والحرمان من الضوء كأداة للعقاب والسيطرة. كما تشمل الممارسات المقلقة الأخرى حرمان السجناء من الطعام والماء لفترات طويلة، وحبسهم في زنازين صغيرة ومظلمة.
وتواجه عائلات السجناء تحديات كبيرة في التواصل مع أحبائهم، حيث تخضع الزيارات لرقابة شديدة، وغالبًا ما تكون قصيرة وتحت شروط صارمة تحرم السجناء من التواصل الحقيقي مع أسرهم. تُستخدم هذه القيود كوسيلة للضغط النفسي بهدف ثني السجناء وعائلاتهم عن أي نشاط سياسي أو اجتماعي خارج السجن.
ومن النقاط المهمة التي أشار إليها التقرير هو السوق السوداء الناشئة داخل سجن إيفين. نتيجةً لاستغلال الموارد والحد من الوصول إلى الضروريات الأساسية، نشأ اقتصاد سري، حيث تُباع بعض الأدوات الأساسية مثل أدوات المائدة المعدنية بأسعار باهظة، تصل أحيانًا إلى نصف مليون إلى مليون تومان. ويضيف هذا الندرة المصطنعة عبئًا إضافيًا على السجناء، خاصة أولئك الذين يفتقرون إلى الموارد المالية، مما يخلق طبقة إضافية من المعاناة للمعتقلين الأكثر فقراً.
ويؤكد التقرير الصادر عن جمعية حقوق الإنسان في إيران أن السجناء في إيفين يُحرمون بشكل منهجي من حقوقهم الأساسية. كما أن الحصول على المواد التعليمية أو الترفيهية يتطلب إجراءات بيروقراطية معقدة، وغالبًا ما يواجه السجناء تأخيرات أو رفضًا لطلبات الكتب أو المجلات، مما يثبط الروح المعنوية للسجناء الذين قد يتخلون عن السعي للحصول على هذه المواد بعد فترات انتظار طويلة.
وبالإضافة إلى ذلك، يُبرز التقرير الممارسات التمييزية داخل إيفين، حيث يمكن للسجناء الأكثر ثراءً دفع المال للحصول على معاملة تفضيلية، ما يسمح لهم بالوصول إلى زنازين أقل ازدحامًا أو مرافق أكثر راحة، بينما يُترك السجناء الأكثر فقرًا دون خيارات. يعمق هذا التمييز المؤسسي معاناة السجناء ويخلق بيئة من الاستغلال.
وفي الختام، أدانت الجمعية الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان في سجن إيفين، ودعت المواطنين الإيرانيين إلى فضح الانتهاكات التي تحدث في السجون داخل البلاد. وأكدت على أن محاسبة السلطات على أفعالها أمر حيوي لوقف المزيد من الظلم. وقد دعت منظمات دولية مثل منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس ووتش إيران مرارًا إلى الالتزام بالمعايير الدولية لرعاية السجناء، مشددة على أن الوصول إلى الرعاية الصحية والظروف الإنسانية والمعاملة العادلة هي حقوق أساسية. يشير هذا التقرير إلى الحاجة الملحة للإصلاح داخل نظام السجون الإيراني، وإلى المسؤولية الجماعية لدعم حقوق وكرامة جميع السجناء.