موقع المجلس:
بعد ما اختار المجتمع الدولي عدم الاستماع إلى التحذيرات حول التهديد التي يشكله حرس النظام الإيراني أو اختار تجاهلها على مدى أكثر من أربعين عامًا، و لکن واصلت المقاومة الإيرانية التحذير من التهديد الذي يشكله حرس النظام الإيراني. ورغم العديد من الوثائق والإفصاحات والتجمعات والتظاهرات والمؤتمرات والمقابلات والنشرات، إضافة إلى مختلف الفعاليات العامة التي سلطت الضوء على العمليات الإرهابية العالمية لحرس النظام الإيراني، فإن المجتمع الدولي، المشغول بسياسة الاسترضاء، فشل إما في الاستماع إلى هذه التحذيرات أو اختار تجاهلها.
وفي الأيام الأخيرة، أصبح دور حرس النظام الإيراني كذراع للتنفيذ التابع للنظام الحاكم في إيران، في تعزيز وتوسيع النزاعات، أكثر وضوحًا، خاصةً بعد عام من الاعتداءات العسكرية العلنية التي أطلقها النظام. ونتيجة لذلك، تصاعد الضغط الدولي لتصنيف هذه المنظمة رسميًا ككيان إرهابي.
حرس النظام الإيراني
في 23 أكتوبر 2024، عقد البرلمان الأوروبي اجتماعًا في ستراسبورغ خصص لمناقشة مسألة الإرهاب المرتبط بالدولة الإيرانية. وأدان ممثلو الأحزاب الأوروبية المختلفة تصرفات النظام، بما في ذلك العنف ضد النساء، وقمع المعارضين، وزعزعة استقرار المنطقة، وإشعال الحروب، والإرهاب داخل الحدود الأوروبية. كما شددوا على أن الحرس ، تحديدًا، هو القوة الدافعة وراء هذه التهديدات، داعين إلى إدراجه ضمن قائمة المنظمات الإرهابية.
وكان من بين أبرز المدافعين عن هذا المطلب، عضو البرلمان الأوروبي خافيير سارسالخوس، الذي قال: «لا يمكن للنظام الإيراني أن يخدعنا؛ يجب إدراج حرس النظام الإيراني في قائمة الإرهاب». بتراس أسترافيشيوس، عضو البرلمان الأوروبي من ليتوانيا، هو الآخر دعا زملاءه إلى دعم قرار ليتوانيا في وقت سابق من الشهر للاعتراف بحرس النظام الإيراني كمنظمة إرهابية.
وكررت إيفين إينشير، ممثلة السويد في البرلمان الأوروبي، هذا المطلب، وحثت زملاءها على الالتفاف حول هذا المقترح. وأشار النائب البرتغالي فرانسيسكو أسيس إلى أن كلاً من كندا والولايات المتحدة قد صنفتا حرس النظام الإيراني ككيان إرهابي، داعية البرلمان الأوروبي لاتخاذ خطوة مماثلة.
كما أكد آدم بيلان، عضو البرلمان الأوروبي من بولندا، على ضرورة توحد الدول الأعضاء في تحديد حرس النظام الإيراني كمنظمة إرهابية، معتبرًا ذلك “ليس فقط رمزيًا بل خطوة ضرورية لحماية المواطنين ودعم القوانين الدولية”.
وأدان كريستوفر ستورم، عضو البرلمان الأوروبي من الدنمارك، النظام الإيراني والحرس على حد سواء، مؤكدًا أن «النظام الإيراني وحرسه نفذا هجمات إرهابية في دول أخرى من الاتحاد الأوروبي. علينا إرسال رسالة قوية عبر تصنيف الحرس كمنظمة إرهابية».
وفي كلمتها، أشارت المفوضة الأوروبية لشؤون المساواة، هيلينا دالي، إلى قرارات البرلمان الأوروبي العديدة التي فرضت عقوبات على حرس النظام الإيراني. لكنها أوضحت أن التصنيف الرسمي للحرس كمنظمة إرهابية يتطلب إجماعًا سياسيًا بين جميع الدول الأعضاء الـ 27 في الاتحاد الأوروبي. وأكدت أن “هذا القرار يعتمد على إجماع مجلس الاتحاد الأوروبي”.
في الوقت نفسه، تجمع أنصار المقاومة الإيرانية خارج البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ، حيث نظموا مظاهرة حاشدة للمطالبة باتخاذ إجراءات عاجلة. وعبّر المتظاهرون، الذين شملوا مواطنين أوروبيين وأفرادًا من الجالية الإيرانية، عن إحباطهم من تأخر المجتمع الدولي لأربعين عامًا في إدانة حرس النظام الإيراني. وعبروا عن مطالب الشعب الإيراني العاجلة من خلال لافتات كبيرة كُتب عليها: «استجيبوا لإرادة الشعب الإيراني وتصويت الأوروبيين بإضافة الحرس النظام الإيراني إلى قائمة الإرهاب».
وتحدث في هذه المظاهرة عدد من أعضاء البرلمان الأوروبي، من بينهم النائب الإيطالي ليولوكا أورلاندو والنائبة الألمانية كاترين لانجنسيبن، إلى جانب شخصيات سياسية وحقوقية بارزة من مختلف أنحاء أوروبا، وأكدوا على الضرورة الأخلاقية والسياسية لتصنيف حرس النظام الإيراني كمنظمة إرهابية.
وفي اليوم ذاته، 23 أكتوبر، قامت مجموعة بارزة من المدافعين عن حقوق الإنسان في فرنسا بمبادرة أخرى، حيث نشروا مقالًا مشتركًا في *لو دو دومانش* تحت عنوان «لماذا يجب تصنيف الحرس النظام الإيراني كمنظمة إرهابية».
ومن بين الموقعين على هذا المقال إنغريد بتانكور، وبيير برسي، رئيس منظمة حقوق الإنسان الحديثة، وإيميل بيسيج، رئيس مجموعة النواب السابقين، وإيف بونيه، المدير السابق للأمن الوطني الفرنسي، والكاتب باسكال بروكنر، وجان فرانسوا لوغاريه، رئيس مؤسسة دراسات الشرق الأوسط، وجيل بارويل، الرئيس السابق لنقابة المحامين في فالدواز. وأدان المقال بشدة الاتحاد الأوروبي، وقالوا: «على الرغم من دعوات البرلمان الأوروبي لإدراج حرس النظام الإيراني في قائمة المنظمات الإرهابية، فإن الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي قد عرقل هذه المبادرة بطلب قرار قضائي من إحدى الدول الأعضاء».
وانتقد هؤلاء هذا التردد واعتبروه “ليس مجرد خطأ بل خطأ جسيم” وإشارة “للضعف” أمام النظام الإيراني. واختتموا بقولهم: «الخطوة الأولى الضرورية هي تصنيف الحرس ككيان إرهابي، والتقاعس عن القيام بذلك يعد جريمة».
وفي ظل الجهود العسكرية التي يبذلها النظام الإيراني في غزة ودعم الحرس المباشر للميليشيات التابعة له، يواجه الحرس ضغوطًا دولية شاملة. وعلى الصعيد الداخلي، تتزايد حالات الانشقاق في صفوف القوى القمعية التابعة للنظام، بما في ذلك الحرس. وقد أصدرت شخصيات بارزة في النظام، مثل محمد باقر قاليباف وحسين سلامي، دعوات متكررة للصمود بغية رفع الروح المعنوية لأفراد الحرس الذين باتوا يعانون من الضعف والاهتراء.
في نهاية المطاف، تعكس هذه التحديات المتصاعدة هشاشة الحرس، الذي اعتمد عليه الولي الفقیة علي خامنئي لعقود. ويظهر اليوم الحرس كعبء استراتيجي للنظام، مما يشير إلى تراجع كبير في سلطته التي كانت قوية فيما مضى.