صورة للاحتجاجات في ایران-آرشیف-
بحؤاني – منى سالم الجبوري:
منذ أن تربع خميني على کرسي الحکم في إيران، فإن أکثر تهديد کان يحدق به لم يکن من أميرکا أو إسرائيل أو أية دولة أخرى من التي کان الحکم الديني الثيوقراطي قد أدرجه على قائمة أعدائه، بل إن التهديد الاهم والاکثر خطورة على هذا الحکم الاستبدادي الذي جعل العمامة مکان التاج، کان ولازال الشعب الايراني.
خميني والنظام الدموي الذي أقامه في إيران على أنقاض نظام الشاه، سعى للإيحاء بأن الشعب الايراني يقف خلفه مطيعا ومٶيدا، لکن لم تمض سوى فترة قصيرة حتى بان الثرى من الثريا وتوضحت حقيقة خميني ونظامه الدموي ولاسيما عندما أصدر فتواه الغريبة بإعدام آلاف السجناء السياسيين الذين کان أغلبهم من منظمة مجاهدي خلق، هذه الفتوى لم تکن موضع صدمة للمعارضة وللشعب الايراني فقط بل وحتى لقادة ومسٶولين من النظام حيث أعربوا عن دهشتهم وإستغرابهم لإفراطها في قسوتها ودمويتها کما کان الحال مع المنتظري الذي کان وقتئذ نائبا للخميني وکذلك لموسوي أردبيلي الذي کان رئيسا لمجلس القضاء.
الممارسات القمعية ولاسيما حملات الاعدامات والاعتقالات التعسفية والتعذيب في السجون والمعتقلات، أعطت ليس مجرد إنطباع وإنما قناعة کاملة بأنه لم يحدث أي تغيير في الطابع الاستبدادي القمعي الذي کان سائدا في عهد نظام الشاه، بل وحتى إن نظام خميني قد زاد عيار القمع والاستبداد أکثر من سلفه، والملفت للنظر إن سعي النظام من أجل تصدير التطرف والارهاب تحت مسمى وعنوان مشبوه
هو تصدير الثورة، قد کشف أزاح القناع عن الوجه الحقيقي لخميني ونظامه ولاسيما عندما قام بصرف ثروات الشعب الايراني على تدخلات النظام السافرة في بلدان المنطقة من أجل تنفيذ مشروع النظام لفرض سطوته وهيمنته على المنطقة.
ومع إن النظام الايراني إعتبر کل من يخالفه عدوا له ويقف ضده بالمرصاد، لکنه والحق يقال قد إعتبر ولايزال منظمة مجاهدي خلق عدوه اللدود الذي لا يمکن أن يرقى أي تنظيم معارض آخر الى مستواه من هذه الناحية، ولاسيما بعد أن أخفق خميني في إستمالة المنظمة الى جانبه بعد اللقاء الذي جرى مع زعيم المنظمة السيد مسعود رجوي، إذ لم تتقبل المنظمة الصيغة والنمط الدکتاتوري للنظام وعارضته
وهذا ما کلفها کثيرا ولکن وبقدر ما قد کلفها من دماء وضحايا فإنها في نفس الوقت ساهمت في کشف الوجه الدکتاتوري القمعي لهذا النظام.
وبقدر ماکانت عاقبة الموقف المبدئي الحدي والحازم للمنظمة من النظام الايراني مکلفا للغاية، لکنه في نفس الوقت کان ولايزال العامل الاهم في بقاء شعلة رفض ومواجهة الدکتاتورية في إيران مستمرة بلا هوادة ومن هنا، فإن إتهام النظام الايراني وعلى لسان خليفة خميني مجاهدي خلق بأنها وراء الانتفاضات المندلعة ضد النظام والساعية من أجل إسقاطه جاءت بمثابة إعتراف رسمي من جانب النظام
بأن دماء شهداء المنظمة وتحديدا الالاف من سجنائها السياسيين في مجزرة صيف عام 1988، لم تذهب هدرا، وإن النظام الايراني وهو يواجه اليوم التهديدات الخارجية الناجمة والمتداعية عن تدخلاته السافرة في بلدان المنطقة سياسته المشبوهة في إثارة الحروب، فإن جل خوفه من الاوضاع الانفجارية في سائر أرجاء إيران وإحتمال أن يهب فجأة ومن دون سابق إنذار عاصفة الغضب الشعبي التي ستجتث الدکتاتورية من إيران وتٶسس للعهد الديمقراطي الذي طالما إنتظره الشعب الايراني على أحر من الجمر.