موقع المجلس:
في ایران تتفاقم ازمة الفقر یوم بعد یوم. کما أزمة تزايد ظاهرة نبش القمامة في طهران، تُعد ظاهرة نبش القمامة في طهران قضية مقلقة للغاية، تكشف عن تعمق الأزمة الاجتماعية والاقتصادية في إيران تحت حكم نظام الملالي. وفقًا للإحصاءات الرسمية، تم تحديد أكثر من 6,000 شخص ممن يعملون في نبش القمامة داخل طهران، ما يعكس النتيجة المؤسفة لزيادة الفقر في البلاد.
وقد صرح عسكر جلاليان، مساعد وزير العدل لشؤون حقوق الإنسان والعلاقات الدولية، أن مسألة نبش القمامة تُعد مصدر قلق كبير لوزارة العدل. ومع ذلك، لم يتناول جلاليان السبب الجذري لهذه الظاهرة، واكتفى بتحليل سطحي لها، في حين أن السبب الحقيقي هو السياسات التي تؤدي إلى تفاقم الفقر.
وأدت السياسات الحكومية إلى انتشار الفقر في جميع أنحاء إيران، وظاهرة نبش القمامة هي أحد أبرز مظاهره. ورغم أن المسؤولين الحكوميين يتحدثون في تصريحاتهم عن انتهاك كرامة الإنسان والمخاطر الصحية العامة، فإنهم يتجنبون ذكر السبب الرئيسي لهذه الظاهرة، وهو السياسات الاقتصادية التي يتبعها النظام. عدم المساواة في توزيع الثروة، ونقص الوصول إلى الغذاء المناسب، وخلل في نظام التوزيع الغذائي هي من العوامل التي تدفع الكثيرين إلى البحث عن الطعام في مكبات القمامة.
وعلاوة على ذلك، أدى ارتفاع معدل البطالة، خصوصًا بين الشباب والفئات الأكثر هشاشة، إلى إجبار العديد من الناس على اللجوء إلى نبش القمامة كوسيلة للبقاء، رغم المخاطر الصحية والأوضاع غير الآمنة التي تحيط بهذه المهنة.
ويُعرّض العاملون في نبش القمامة أنفسهم لأمراض خطيرة مثل الإيدز، والعدوى، والتهاب الكبد، والمشكلات التنفسية. كما يُحرم الأطفال العاملون في هذه المهنة من حقهم في التعليم، ويُعرّضون لمخاطر اجتماعية مثل الإدمان والانحراف.
ولم تعد هذه المشكلة مقتصرة على شوارع المدن الكبرى، بل امتدت إلى القرى. وقد سلط تقرير نشرته صحيفة همدلي الحکومیة تحت عنوان “تزايد ظاهرة نبش القمامة في البلاد: قصة امتدت من المدن الكبرى إلى القرى”، الضوء على هذا التفاقم. في ضواحي طهران، على سبيل المثال، تفتش النساء وأطفالهن في مكبات النفايات بحثًا عن مصدر للعيش.
ظاهرة نبش القمامة تعد مؤشرا للفقر المدقع، وهو مستوى أدنى حتى من الفقر المطلق. انتشارها في الأرياف يشكل إنذارًا حول تعمق الفقر وعدم المساواة في المجتمع. لكن، لا يُتوقع أي حل لهذا الأمر في ظل غياب الإرادة السياسية للتصدي له. طالما أن النظام الحاكم لا يزال في السلطة، فمن غير المحتمل أن ينتهي هذا الأمر.
أعلنت السلطات الحكومية أن كل من يتم رصده وهو يقوم بنبش القمامة في شوارع المدينة سيتم اعتقاله فورًا، وسيتم فحص هويته. وفي حال عدم وجود تصريح إقامة، سيتم تسليمه إلى مراكز محددة لترحيله في نهاية المطاف. ولكن هذا النهج يتعامل مع المظاهر السطحية للمشكلة، دون التطرق إلى أسبابها الهيكلية.وبالإضافة إلى ذلك، فإن الكثير من الذين يعملون في نبش القمامة هم ضحايا لمافيا القمامة التي تستغل الفقراء، وهذه المافيا مرتبطة بمؤسسات حكومية. وتُستغل هذه القوى العاملة الفقيرة التي اضطرت للعمل في هذه المهنة بسبب البطالة والفقر من قبل هذه المافيا التي تحظى بدعم من جهات حكومية قوية.
ونشرت منظمة إدارة النفايات إحصاءات تثير القلق حول حجم الأزمة الاجتماعية في طهران. ووفقًا لتقرير المنظمة، تم في المرحلة الرابعة من خطة إدارة الأضرار الاجتماعية لبلدية طهران جمع 2,458 شخصًا من شوارع المدينة. من بين هؤلاء، كان هناك 978 مدمنًا و1,405 أشخاص بلا مأوى. كما تم إلقاء القبض على 74 متسولاً، بينهم 53 رجلاً و21 امرأة. تعكس هذه الأرقام حالة الانهيار الاجتماعي المتزايدة التي تعيشها إيران نتيجة السياسات الحكومية.
بينما يعاني الشعب الإيراني من فقر شديد، يركز النظام جهوده على تعزيز نفوذه الإقليمي من خلال دعم الميليشيات والجماعات المسلحة. يسعى النظام إلى توسيع نطاق نفوذه في دول المنطقة عبر التدخلات العسكرية ودعم الإرهاب، متجاهلاً الحاجة الملحة لتحسين الظروف المعيشية داخل البلاد. هذا التوجه نحو الحرب وتأجيج الصراعات يستهلك موارد هائلة، كان من الممكن توجيهها لتحسين الاقتصاد الوطني والتخفيف من حدة الفقر.
إن استمرار النظام في توجيه مقدرات البلاد نحو الحروب الخارجية يعكس انعدام الاهتمام بالأزمة الداخلية. فعوضًا عن معالجة المشكلات الاجتماعية والاقتصادية المتفاقمة، يصر النظام على تبني سياسات الحرب والعداء، مما يزيد من معاناة الشعب ويعمق الأزمة الاجتماعية داخل إيران.
وتشكل ظاهرة نبش القمامة انعكاسًا واضحًا لفشل النظام في معالجة الأزمات الاجتماعية والاقتصادية في البلاد. هذه الكارثة الاجتماعية هي نتيجة السياسات القمعية التي ينتهجها النظام. ولا يُتوقع حدوث أي تغيير جوهري ما دام النظام في السلطة. الحل الوحيد الذي يراه الكثيرون هو التغيير السياسي الشامل، الذي سيفتح باب الأمل لمستقبل خالٍ من مثل هذه المآسي الاجتماعية.