موقع المجلس:
بسبب تزايد استقالات الممرضين بشكل غير مسبوق، مما يزيد من تفاقم النقص الحاد في العاملين في المجال الطبي، يواجه النظام الصحي في إيران أزمة حادة. ووفقًا لما أعلنه سلمان إسحاقي، المتحدث باسم لجنة الصحة في البرلمان الإيراني، فقد استقال 1,590 ممرضًا من وظائفهم في عام 2023. هذا الرقم المقلق، كما أشار إسحاقي، يُظهر أن معدلات الاستقالات الآن تحدث بوتيرة أعلى مرتين إلى ثلاث مرات مقارنةً بهجرة الممرضين إلى الخارج. وتسلط هذه المعطيات الضوء على تحدٍ متزايد قد يؤدي إلى كارثة صحية إذا لم يتم التعامل معه بسرعة.
أزمة متفاقمة في قطاع التمريض
خلال اجتماع عُقد يوم الأحد، 29 سبتمبر 2024، قدم مسؤولو منظمة النظام التمريضي لمحة مقلقة حول أزمة التمريض الحالية إلى لجنة الصحة والعلاج في البرلمان. وأوضح إسحاقي أن حوالي 2,000 ممرض يتقدمون سنويًا بطلبات لمغادرة إيران، بينما يعمل حاليًا نحو 2,000 ممرض إيراني في الدنمارك. وتأتي هذه الهجرة في وقت تعاني فيه البلاد من نقص حاد في عدد العاملين في التمريض. فرغم أن إيران تضم أكثر من 80 مليون نسمة، إلا أن لديها 300,000 ممرض فقط، وهو عدد أقل بكثير مما هو مطلوب لتقديم الرعاية الصحية الكافية.
وحذر رئيس منظمة النظام التمريضي من أن بعض المحافظات تعاني من نقص حاد في التمريض لدرجة أنه يوجد ممرض واحد فقط لكل 8 أو 9 مواليد جدد. وقال محذرًا: «إذا استمرت الحكومة في تجاهل هذه المشكلة، فسوف يتفاقم نقص التمريض ليصبح أزمة كاملة».
هجرة كوادر التمريض من إيران أزمة أوسع
احتجاجات كوادر التمريض غير المسبوقة في إيران تتواصل وتتوسع
انتهاكات قانونية وإرهاق الممرضين
تزداد الأمور تعقيدًا بسبب المشاكل النظامية في كيفية معاملة الممرضين وتعويضهم. واعترف إسحاقي بأن إجبار الممرضين على العمل لساعات إضافية ينتهك بشكل مباشر حكم المحكمة الإدارية للعدالة. ورغم ذلك، لا يزال العديد من الممرضين يُجبرون على العمل لساعات طويلة دون تعويض عادل.
وأوضح إسحاقي أن “المسؤولين يدعون إلى زيادة في أجر العمل الإضافي”، وكذلك إصدار تصاريح لتوظيف المزيد من الممرضين وتثبيت الممرضين المتعاقدين. على الرغم من الحاجة الملحة إلى المزيد من الموظفين، إلا أن العديد من الممرضين، خاصة أولئك الذين عملوا جاهدين خلال جائحة كوفيد-19 بعقود مؤقتة، لم يحصلوا على وظائف دائمة حتى الآن.
وبموجب قوانين العمل الإيرانية، يحق للممرضين، مثلهم مثل العاملين في المهن الخطرة الأخرى، التقاعد بعد 25 عامًا من الخدمة. ومع ذلك، فإن معظم الممرضين لم يستفيدوا بعد من هذه الحماية القانونية. وقد أضاف غياب الفوائد التقاعدية المناسبة إلى استياء الممرضين، مما دفع الكثيرين إلى الاستقالة أو البحث عن وظائف في الخارج.
تدهور النظام الصحي بسبب سياسات النظام
النظام الصحي في إيران، شأنه شأن القطاعات الأخرى في البلاد، يسير نحو الانهيار بسبب فساد النظام الحاكم واستغلاله للموارد. ويعاني الممرضون وغيرهم من العاملين في المجال الصحي نتيجة سوء الإدارة ونهب النظام لثروات البلاد. ورغم الأزمة الصحية المتفاقمة، يركز النظام الإيراني تحت حكم الوليالفقیة علي خامنئي على مغامراته العسكرية في المنطقة ودعمه للجماعات الإرهابية، متجاهلاً احتياجات الشعب الإيراني.
وفي الشهر الماضي، شهدت عدة مدن إيرانية احتجاجات واسعة نظمها الممرضون احتجاجًا على ظروف العمل الصعبة، وانخفاض الأجور، وعدم الاعتراف بحقوقهم. ومع ذلك، كان رد النظام هو القمع، حيث تم اعتقال العديد من الممرضين وتهديدهم لوقف تظاهراتهم.
موجة جديدة من احتجاجات كوادر التمريض في إيران: مطالب بتحسين الأوضاع المهنية والمعيشية
قمع الاحتجاجات وتجاهل مطالب الشعب
یظهر رد النظام الإيراني علی الاحتجاجات أن أولوياته تكمن في الحفاظ على سلطته من خلال القمع الداخلي والحروب الخارجية، وليس في حل الأزمات الداخلية التي يعاني منها الشعب الإيراني. يبدو أن نظام خامنئي يعطي الأولوية لإشعال الحروب في المنطقة ودعم الإرهاب على حساب توفير خدمات أساسية لمواطنيه، مثل الرعاية الصحية.
من المؤكد أنه طالما استمر هذا النظام في السلطة، فلن يتمكن قطاع التمريض أو غيره من القطاعات في إيران من الخروج من أزمته. سيبقى الشعب الإيراني يعاني من تدهور في كافة جوانب حياته الأساسية، ما لم يتم إجراء تغييرات جذرية في إیران.