موقع المجلس:
وفقًا لتقرير نشرته وكالة الحکومیة «إيسنا» في 22 سبتمبر 2023، فإن 51% من سكان طهران لا يستطيعون شراء مساكن بهذا السعر. ويؤكد التقرير على خطورة أزمة الإسكان، مشيرًا إلى أن الوضع يدفع المزيد من الناس إلى اللجوء للإيجارات طويلة الأمد، حيث أصبح شراء منزل أمراً مستحيلاً بالنسبة للكثيرين. وفي الوقت الحالي، يعيش أكثر من نصف الأسر في طهران، أي حوالي 51%، كمستأجرين. هؤلاء المستأجرون لا يواجهون فقط معدل تضخم يبلغ 45% في تكاليف الإيجار، بل يواجهون أيضًا وقت انتظار يصل إلى 48 عامًا لامتلاك منزل.
ويعكس هذا الوضع الأزمة المستمرة التي تعاني منها طهران فيما يتعلق بالإسكان، حيث تحولت أسعار المنازل المرتفعة إلى حلم بعيد المنال للكثيرين، في حين أن أسعار الإيجارات تستمر في الارتفاع، مما يضع ضغطًا ماليًا إضافيًا على سكان المدينة.
کما تشير التقارير الأخيرة الصادرة عن البنك المركزي الإيراني إلى أن أسعار العقارات في طهران قد ارتفعت بشكل كبير، حيث وصل متوسط سعر المتر المربع إلى 90 مليون تومان إيراني (ما يعادل 2,130 دولارًا أمريكيًا). هذه الزيادة الكبيرة في أسعار العقارات تسلط الضوء على تفاقم أزمة الإسكان في العاصمة، حيث أصبحت القدرة على تحمل التكاليف أمراً بعيد المنال بالنسبة للكثير من المواطنين.
وتظهر البيانات، التي نُشرت على الموقع الرسمي للبنك المركزي، أن سعر المتر المربع من العقارات في طهران قد ارتفع في أغسطس 2023 إلى 88.5 مليون تومان، وهو ما يعكس زيادة بنسبة تقارب 17% مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي. هذه الزيادة الكبيرة أثارت المزيد من المخاوف بشأن القدرة على تحمل تكاليف الإسكان، خاصة مع عدم توافق الأجور والدخول مع هذه الزيادات الحادة.
وعود حكومية غير محققة بشأن الإسكان
أزمة الإسكان في إيران أصبحت مصدر قلق متزايد، خاصة في السنوات الأخيرة، حيث ارتفعت أسعار المنازل بشكل غير مسبوق. وقد تعهدت حكومة الرئيس إبراهيم رئيسي بالتصدي لهذه الأزمة من خلال بناء مليون وحدة سكنية سنويًا للتخفيف من الأزمة وكبح جماح التضخم في الإيجارات. ومع ذلك، فشلت الحكومة بشكل كبير في الوفاء بهذه الوعود.
عند تولي حكومة رئيسي السلطة، كان متوسط سعر المتر المربع في طهران أقل من 32 مليون تومان. أما الآن، فقد تضاعف هذا الرقم تقريبًا، مما دفع الكثير من الإيرانيين إلى الشعور بخيبة الأمل تجاه وعود الحكومة. ووفقًا لمحمد رضا رضائي كوتشي، رئيس لجنة العمران في البرلمان، في 13 أبريل 2024، فإن تقدم مشروع «نهضة الإسكان الوطنية» لم يتجاوز 2%. كما أشار إلى أن معظم المشاريع السكنية التي تم الانتهاء منها كانت قد بدأت في ظل الحكومة السابقة.
ورغم هذه الوعود، لم تقدم حكومة رئيسي أي تفسير جوهري لفشلها في الوفاء بالتزاماتها بشأن بناء المساكن. هذا التقاعس زاد من تعقيد أزمة الإسكان، مما جعل المواطنين يتساءلون عن قدرة الحكومة على حل هذه المشكلة.
تقارير متضاربة حول التضخم وأسعار العقارات
تفاقم الارتباك حول أزمة الإسكان في طهران بسبب التقارير المتضاربة الصادرة عن الوكالات الرسمية بشأن معدلات التضخم وزيادة أسعار العقارات. ففي تقرير صدر في 22 أغسطس 2024، أعلنت الهيئة الوطنية للإحصاء في إيران عن زيادة سنوية بنسبة 43% في أسعار العقارات لشهر يوليو. في المقابل، أفاد البنك المركزي أن معدل التضخم لنفس الفترة كان 14% فقط.
وتبرز هذه التناقضات التحديات في تقييم مدى خطورة أزمة الإسكان بشكل دقيق. على الرغم من الأرقام المتضاربة، تؤكد بيانات البنك المركزي أن متوسط سعر المتر المربع في طهران وصل في يوليو إلى 87.5 مليون تومان، بزيادة قدرها 14.3% مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي. ومع ذلك، انخفض عدد المعاملات بنسبة 8% مقارنة بالشهر السابق، مما يشير إلى أن عددًا أقل من الناس قادرون على شراء المنازل بهذه الأسعار.
أزمة الإسكان في طهران لا تظهر أي علامات على التراجع. ففي السنوات الأخيرة، شهد تضخم أسعار العقارات تقلبات كبيرة، حيث بلغ ذروته بأكثر من 100% في مايو 2022، ثم انخفض إلى أقل من 10% في يونيو 2023. ومع ذلك، ارتفع معدل التضخم مرة أخرى في الأشهر التالية ليصل إلى أكثر من 14%، مما يعكس طبيعة السوق العقارية المتقلبة في العاصمة الإيرانية.
بالإضافة إلى ذلك، شهدت أسعار الإيجارات زيادة كبيرة بنسبة 50% خلال العام الماضي، مما زاد من حدة الصعوبات التي يواجهها سكان طهران. ومع ارتفاع تكلفة المعيشة وعجز الحكومة عن الوفاء بوعودها، يجد ملايين الإيرانيين أنفسهم في حالة من عدم الاستقرار، دون أمل في حل قريب.
في ظل العقوبات الدولية وعدم الاستقرار الاقتصادي، تتفاقم أزمة الإسكان في طهران، لتصبح واحدة من أبرز القضايا الملحة التي تواجه المجتمع الإيراني اليوم. ومع تراجع فرص امتلاك المنازل واستمرار ارتفاع أسعار الإيجارات، يبقى حلم الاستقرار والسكن الميسر بعيد المنال.